عندما تسمع من الناس أشجانهم وبث شكواهم وأحزانهم تتوقع إن كل من على
وجه الأرض يعيش في هم وغم وحزن دائم حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت
فذاك أصيب بمرض هد قواه وأتعبه نفسيا وجسدا فكل ما يتمناه أن ينعم
بعودة الصحة والعافية .
وذاك شاب أنهكته ظروف الحياة وتكالبت عليه من كل حدب وصوب حتى جعلته
شارد الذهن مشتت الفكر فكل ما يرغبه الحصول على وظيفة تكفل له كرامته وتسد رمقه
وذاك رجل حرمه الله نعمة الأبناء فكل ما يطمع له من هذه الحياة صرخة طفل تنير المكان
وتترك اثرا وصدى في كل أنحاء البيت ليجد معه سعادته المفقودة .
وتلك فتاة تنتظر نصيبها الحلال الذي يصون كرامتها ويحافظ على شرفها فتسعد في حياتها
وتنعم بخلفة يعزونها في الحياة ويشفقون بها عند الكبر وترحمون عليها بعد الممات .
وذلك شخص يحمل ذكرى مؤلمة بفقدان قريب أو حبيب جعل في نفسه اثرا لم يمحى وجرحا
غائرا لم يندمل فهو ينزف ألما ويبكي دما في كل وقت وحين .
وذلك رجل أثقلته هموم الديون فاقلقت مضجعه ونكدت عليه حياته فاصبحت هم في الليل
ومذلة في النهار حتى اصبحت شغله الشاغل .
هموم الحياة واحزانها كثيرة فهي أقدارنا التي كتبت علينا .
لكن هذا لا يعني الاستسلام ودس الرؤوس في التراب والهروب من مواجهة مشاكلنا
فلنقف أمامها وقفة صادقة ولنتذكر عدة أمور لعل من أهمها ، إن ما يحصل لنا من أحزان
هي ابتلاء واختبار من الله لينظر صبرنا من سخطنا ، ولنعلم إن هذه الابتلاءات هي تمحيص
للذنوب وتكفير للسيئات مع الصبر عليها . فهي تعزز ثقتنا بخالقنا وتزيد من قربنا لبارئنا .
ولعله من المهم أن تكون هذه الأحزان والمنغصات هي الوسيلة لتعزيز ثقتنا بأنفسنا وتقوية
ارادتنا والعمل نحو الأفضل لتجاوزها والتخلص منها من خلال التفكير السليم والتخطيط المنطقي
والعمل الجاد والفعال وعندها سنجد كل الأمور قد تغيرت للافضل بحول لله وقوته .

تحياتي وتقديري