رأي الناقد ابن طباطبا

17-10-2017, 09:31 PM

هو ناقد فذ اسمه محمد بن أحمد بن محمد أحمد بن إبراهيم (طباطبا)بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن أبي طالب!
له كتاب سماه (عيار الشعر)لأنه وضعه معيارا وميزانا يقاس به الشعر ويوزن.
تحدث فيه في فصل خاص بعنوان بعنوان(عيار الشعر)عن المقاييس والمعايير التي يمكن بواسطتها الحكم على الشعر وتمييز جيده من رديئه.
أول معيار :- يعرف به الشعر الجيد من الرديء هو العقل الثاقب والفهم الواعي المدرك لأسرار الجمال ومواطن القوة,مثل ما أن العين تألف الحسن وتنفر من السيء ,والأنف يقبل شم الطيب ويتأذى بالمنتن ,والفم يلتذ بالمذاق الحلو ويمج البشع المر, والأذن تتشوف للصوت الخفيف الساكن وتتأذى من بالجهير الهائل ,واليد تنعم بالملمس اللين الناعم وتتأذى بالخشن المؤذي ,والفهم يأنس من الكلام بالعدل الصواب الحق والجائز المعروف المألوف فيتشوف إليه ويتجلى له ,ويستوحش من الكلام الجائر الباطل والمحال المجهول المنكر وينفر منه ويصدأ له ...إلخ
ومن الأسباب التي يراها كفيلة بجعل الفهم الثاقب يقبل الشعر أو يرفضه هي:
1/اعتدال الوزن
2/صواب المعنى
3/حسن الألفاظ
ثم يعقب بكلمة جميلة يقول:وعلة كل حسن مقبول الاعتدال ,كما أن علة كل قبيح منفي الاضطراب.
إذا اجتمعت هذه الأمور في الشعر كان ذلك سببا لقبوله وإن نقص منها شيء أدى إلى ضعف الشعر واضطرابه
المعيار الثاني:مطابقة هذا الشعر وملاءمته للحالة التي يقال فيها ,لأن الشعر إذا جاء ملائما للموقف الذي قيل فيه كان له تأثير كبير على السامع.
كالمدح فيمن يُكبت بمدحه الأعداء ويسر الأصدقاء,والهجاء في حال مباراة المهاجي...
حيث أن القصيدة الجيده عنده المتقنة أنيقة الألفاظ حكيمة المعاني عجيبة التأليف إذا نُقِضت وجُعلت نثرا لم تبطل جودة معانيها ولم تفقد جزالة ألفاظها.
- ومن معايير الجودة عنده أن أحسن الشعر ماتوضع كل كلمة من القصيدة في موضعها المناسب.

هذه المعايير التي وضعها إلا أنه يعترف أن الناس يختلفون فيما يختارونه من أشعار,فلكل ذوق وميل خاص به والأشعر الجيدة تتفاوت أيضا في درجة الجودة.
وأحسن القول ماينتظم فيه القول انتظاما بما يسمى بالوحدة العضوية.
وأما حديثه عن الوحده الفنية للقصيدة جاء واضحا مفصلا ويمكن إجماله فيما يأتي:
1/تحدث عن الملاءمة بين الألفاظ والمعاني وحسن التركيب واعتدال الأجزاء وتهذيب القصيدة وتنقيحها من الشوائب ,مشبها الشاعر بالنساج تارة والنقاش وناظم الجوهر تارة أخرى.
2/حث الشعراء على العناية بمطالع القصائد لأنها أقرب للذهن وأحرى بالقبول ,كما حث على الاهتمام بحسن التخلص والانتقال من غرض إلى آخر بلباقة وحذق حتى لاتتقطع أجزاء القصيدة التي قال عنها:أن لها فصولا كفصول الرسائل فيحتاج الشاعر أن يصل كلامه صلة لطيفة فيتخلص من الغزل إلى المديح إلى الشكوى بألطف تخلص وأحسن حكاية بلا انفصال للمعنى الثاني عما قبله بل يكون متصلا به ممتزجا معه.
3/دعا كل شاعر أن يتأمل تأليف شعره وتنسيق أبياته ويقف على حسن تجاورها أو قبحه فيلائم فينها.
4/وضع ميزان لوحدة القصيدة وترابطها وهو عدم إمكانية التقديم والتأخير فيها ,فالقصيدة المنسقة المترابطة لايمكن أن تقدم أو تؤخر فيها لأن ذلك يخل بتناسقها وترابطها,أما القصيدة التي لاترابط بين أبياتها وكل بيت لاعلاقة له بالآخر فيمكن أن نقدم ونؤخر من غير أن يشعر القارىءبذلك.
5/أن يسلك الشاعر في قصيدته سلوكه في كتابة الرسائل في بلاغتهم فإن للشعر فصول كفصول الرسائل.
6/يجب أن تكون القصيدة كالكلمة الواحدة في ترابطها وتلاحم أجزائها.

- وركز الناقد ابن طباطبا على مطلع القصائد قال له أهمية كبيرة فهو أول مايلقى على السامع فإن كان رائعا موفقا شد انتباه السامع وملك مشاعره ونال من إعجابه الشيء الكثير ,وإن كان سيئا غير موفق صدم القارئ وصرفه عن القصيدة حتى ولو كانت الأبيات التالية جيدة المعنى جميلة التعبير.
- وحذر الشاعر من مجموعة أمور تسيء إلى مطلع القصيدة وتضعفه فحذره مما يتطير به أو يستجفي من الكلام والمخاطبات ,وأورد أمثلة:
قصة أرطأة ابن سهية الشاعر عبدالملك بن مالك عندما أنشده قوله:
رأيت الدهر يأكل كل حي *** كأكل الأرض ساقطة الحديد
وماتبغي المنية حين تغدو *** سوى نفس ابن آدم من مزيد
وأحسب أنها ستكر يوما *** توفي نذرها بأبي الوليد
فقال له عبدالملك :ماتقول ثكلتك أمك ؟فقال أنا أبو الوليد ياأمير المؤمنين,وكان عبدالملك يكنى بأبي الوليد ,فلم يزل يعرف كراهية شعره في وجه عبدالملك إلى أن مات.

-كما ينبه الشاعر إلى عدم التصريح بما يستشبع من الأمور ,أو مايكرهه المخاطب ,وإذا اضطر إلى ذلك فعليه أن يعمد إلى الكناية والرمز والالتفات ,أو أي وسيلة أخرى تلطف الموضوع.

وكتابة القصيدة تمر بأربع مراحل:
1/الفكرة وخطورة المعنى في الذهن.
2/التعبير عن هذه الفكرة بأبيات متفرقة حسبما يخطر في الذهن من غير تنسيق ولاترتيب.
3/التنسيق والترتيب:تعود الشاعر إلى هذه الأبيات المبعثرة المفرقة فينسق بينها ويسلسلها.
4/التثقيف والتهذيب: يعود إلى القصيدة بعد ذلك فيهذبها وينقحها ليخرجها في صورتها النهائية كاملة سالمة من الشوائب.

وهكذا يدل الشاعر على مايكفل لقصيدته قبولا حسنا على السامع ,ومايجنبها بشاعة وقعها على النفس.

والكثير من الشعراء القصيدة عنده ليس لها عنده إلا ثلاث مراحل فقط هي:
1/الفكرة وخطورة المعنى في الذهن.
2/التعبير عن هذه الفكرة بأبيات متفرقة حسبما يخطر في الذهن من غير تنسيق ولاترتيب.
3/التنسيق والترتيب:تعود الشاعر إلى هذه الأبيات المبعثرة المفرقة فينسق بينها ويسلسلها.

ويهمل التهذيب فيخرج قصيدة فيها مافيها.

أوردت لكم رأي الناقد ابن طباطبا باختصار لكي تعم الفائدة.

دمتم بود والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!

وَرديَة الخَدينْ ,محمد الـفراج ,محمد الغنامي و 2 آخرون معجبون بهذا