المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة أبرهة والفيل


خيال مطير
23-11-2018, 03:07 AM
قصة أبرهة والفيل: لمَ لا يتوقف المسلمون عن التفسير والنقد وتمحيص المصادر

https://raseef22.com/wp-content/uploads/2017/11/MAIN_Al-Fil.jpg
تُعد سورة الفيل واحدة من السور المكية التي تنزلت على الرسول الكريم في أوائل البعثة النبوية.

ورغم أن السورة لا تحتوي على معلومات يقينية أو تفصيلات قاطعة، إلا أن التراث التاريخي الإسلامي، سرعان ما عمل على ربطها بقصة أبرهة الحبشي وهجومه على البيت الحرام.

في هذا المقال، نستعرض عدداً من التفسيرات المختلفة لتلك السورة، مع التأكيد بأن جميع تلك التفسيرات–بما فيها التفسير التراثي الشائع– هي مجرد نظريات وآراء تُنسب إلى أصحابها، دون المساس بالسورة نفسها، والتي تحظى بنفس القداسة التي تحظى بها باقي سور القرآن الكريم.

وكما يقترح عنوان المقالة، هذا مثالٌ على أنّ التراث الإسلامي ليس منتجاً جامداً، بل كان ولا يزال مجالاً واسعاً للتمحيص والنقض والإبداع الفكري، امتاز بحوار دائم بين النظريات والتفاسير، التي تشير وتبني على بعضها البعض، والتي تنقض ما جاء قبلها مقدمة قراءات مختلفة.


القصة التقليدية بحسب المصادر الإسلامية
بحسب ما ذكره ابن هشام في السيرة النبوية، ونقله عنه أغلبية المؤرخين المسلمين بعدها، مثل الطبري في تاريخ الرسل والملوك، وابن الأثير في الكامل، وابن كثير في البداية والنهاية، فإن مملكة الحبشة استطاعت أن تنتصر على الحميريين ملوك اليمن، وتم تعيين أحد القادة الأحباش المسيحيين ويُدعى أبرهة كوالٍ على اليمن من قبل النجاشي ملك الحبشة.

ثم سرعان ما انفرد أبرهة بالسلطة في اليمن، وقام ببناء كنيسة كبيرة في صنعاء، سماها القُليس، وعزم على أن يجعل منها قبلة ومزاراً لأهل شبه الجزيرة العربية، ولكنه اصطدم بحقيقة أن أغلبية العرب يحجون إلى الكعبة، وأن كنيسته قد بقيت وحيدة منعزلة لا يزورها إلا قلة من النصارى.

https://raseef22.com/wp-content/uploads/2017/11/%D8%A8%D9%82%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D9%83%D8%B9%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8%D8%B4%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D9%86%D8%B9%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A9-1942.jpg
بقايا-كعبة-ابرهة-الحبشي-في-صنعاء-القديمة-1942 بقايا كعبة ابرهة الحبشي في صنعاء القديمة 1942

غضب أبرهة سرعان ما تفجر بعد ذلك، عندما قدم أحد العرب بالإساءة داخل الكنيسة، وكان في ذلك الفعل، استهزاء واضحاً بأبرهة وبالديانة النصرانية، ولذلك قرر القائد الحبشي أن ينتقم، فجهز جيشاً كبيراً، وضم إليه عدداً من الفيلة، وكان أكبرهم فيل يُعرف بمحمود، وقاد أبرهة ذلك الجيش بنفسه إلى مكة، وكان العرب يهربون من أمامه لما عرفوا أنهم لا يستطيعون مقاومته أو صده.

وفي الطريق إلى مكة، استولى الجيش على بعض الجمال المملوكة لزعيم مكة، عبد المطلب بن هشام، ووصلت تلك الأخبار إلى قبيلة قريش، فتركوا ديارهم ومنازلهم، وصعدوا للاختباء وسط الجبال القريبة منهم، أما عبد المطلب فقد ذهب للقاء أبرهة، وطلب منه ترك جماله، وهو الأمر الذي أدهش القائد الحبشي، إذ تعجب كيف يفاوضه كبير قريش في أمر الجمال، ولا يحدثه فيما اعتزم عليه من هدم الكعبة، فرد عليه عبد المطلب بجملته الشهيرة "أنا رب هذه البيت، أما البيت فله رب يحميه".

https://raseef22.com/wp-content/uploads/2017/11/abraha-elephants-2.jpg

وتُستكمل القصة بأن أبرهة وجه الفيل ناحية الكعبة، ولكنه امتنع عن المسير، ورفض أن يتحرك إليها، وبينما استعد الجيش لهدم بيت الله الحرام، إذ السماء قد امتلأت بأعداد هائلة من الطيور، وكان كل طير يمسك في منقاره ومخالبه عدداً من الحجارة الصغيرة، حيث تم إلقاؤها جميعاً على جيش أبرهة، فاخترقت تلك الحجارة أجسادهم ودمرتهم تدميراً، وهلك الجيش كله، ورجعت قريش لمنازلها بجوار الكعبة.

بين الأركيولوجيا والتاريخ والمنطق العسكري
في 1951م، قامت بعثة استكشافية عُرفت باسم بعثة ركمانز، بعدد من الاستكشافات الأركيولوجية في مناطق مختلفة من أراضي المملكة العربية السعودية.

أبرز منجزات تلك البعثة، كان ذلك النقش الذي عُثر عليه في مريغان بمنطقة تثليث الواقعة في جنوب غرب المملكة.

في كتابه "محمد وأصل الإسلام" (1994)، يذكر المؤرخ الأميركي فرانسيس إدوارد بيتر، ما ورد في هذا النقش، والذي جاء فيه:

"بقوة الرحمن ومسيحه، الملك أبرهة، زبيمان، ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت واليمامة، والقبائل العربية في المرتفعات والسواحل، كتب هذا النقش عندما غزا قبيلة معد... عندما ثارت كل قبائل بني عامر، وعين الملك القائد أبي جبر... وحضروا أمام الجيش ضد بني عامر...، وذبحوا وأسروا وغنموا بوفرة، ورجع أبرهة بقوة الرحمن في شهر ذو علان في السنة الثانية والستين وستمائة".

الحقيقة، أن ذلك النقش قد فتح آفاقاً جديدة لفهم حملة أبرهة على بلاد العرب، لأن ما ورد به يتناقض مع الصورة النمطية التي قدمتها المصادر التاريخية الإسلامية، حيث أكد النقش على عودة أبرهة سالماً من حملته، كما أن أسماء القبائل والمدن المذكورة في النقش، لم تتضمن قريش أو مكة على الإطلاق.

وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن النقش قد حدد توقيت الحملة بعام 662 من التقويم السبئي، والذي يناظر سنة 552 من التقويم الميلادي، وهو ما يسبق عام 570م، الذي يُعتقد بأنه قد شهد هجوم الفيل على مكة، بثمانية عشر عاماً كاملة.

فإذا ما تركنا الأبحاث الأركيولوجية التي أجريت في السعودية، جانباً، وتطرقنا للتواريخ البيزنطية المعاصرة لتلك الحقبة الزمنية، لوجدنا أنها تتوافق توافقاً كبيراً مع المعلومات المستمدة من النقوش، وفي الوقت ذاته تقدم رؤية مختلفة لمسببات الحملة، عن تلك التي وردت في المصادر الإسلامية.

فاعتماداً على ما ذكره المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس القيصري، في كتابه "تاريخ الحروب الفارسية"، ونقله عنه الدكتور جواد علي في كتابه "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام"، فإن حملة أبرهة الحبشي على بلاد العرب، لم تكن بسبب ما بدر من بعض العرب تجاه كنيسة القليس، كما يذكر ابن هشام في سيرته، بل إنها قد تمت في سياق المنافسة الشرسة التي وقعت ما بين الفرس والبيزنطيين.

فبحسب ما يذكر بروكوبيوس، فإن نوعاً من التحالف قد عُقد ما بين أبرهة والإمبراطور البيزنطي جستنيان الأولى الذي كان يعرف بـ"الإمبراطور الروماني الأخير"، وكان الهدف الأول من هذا التحالف هو ضرب المكاسب الاقتصادية للإمبراطورية الساسانية الفارسية، عن طريق قطع السيطرة الفارسية على طريق الحرير، والذي كان يمثل خط التجارة الأساس في العالم القديم وقتها، واستبداله بخط بحري، يربط الهند بأوروبا عبر المحيط الهندي والبحر الأحمر.

وكان تأديب القبائل العربية الموالية للفرس، والتي تتفق أسماؤها مع الأسماء المذكورة في النقش، هو أحد السُبل لتنفيذ الخطة اليمنية –البيزنطية، ولكن بروكوبيوس يذكر أن ذلك المخطط لم ينجح في نهاية الأمر، لأن بلاد الحبشة واليمن لم تكن تمتلك أسطولاً قوياً، بالإضافة أن أبرهة نفسه قد توفي في عام 555م، في صنعاء، بعد أقل من ثلاث سنوات من رجوعه من حملته.

الطعون الموجهة للروايات التراثية الإسلامية بخصوص قصة الفيل، لم تقتصر على الاستكشافات الأركيولوجية والمصادر التاريخية البيزنطية فحسب، بل أن أحد أقوى تلك الطعون، هي تلك المتعلقة بما يمكن أن نسميه بالمنطق أو الاستراتيجية العسكرية.

ذلك أن الكثير من الشكوك توجه للكيفية التي تمكنت بها الأفيال المرافقة للجيش الحبشي، من قطع مسافة تربو على 800 كيلو متر، وهي المسافة ما بين صنعاء ومكة، في الوقت الذي يندر فيه وجود المياه في هذا الطريق الصحراوي، مع العلم بأن الفيلة تحتاج كميات ضخمة من المياه للشرب كل يوم.

ويتفق ذلك مع أنّ استعمال الفيلة في الحروب في الأماكن الصحراوية، كان أمراً غير معروف على الإطلاق في الأزمنة القديمة، بل أن استخدامها في القتال، قد اقتصر على الأودية والسهول والمناطق المنبسطة المليئة بالمياه، وهو ما تحقق بشكل كبير في فترة الفتوحات الإسلامية في بلاد فارس، حيث اعتاد الفرس في ذلك الحين، على الاستعانة بعدد من الفيلة المدربة على القتال.

تفسيرات معاصرة للقصة
الشكوك المتعددة التي تحيط بقصة الفيل، أدت لقيام عدد من العلماء والباحثين المسلمين المعاصرين، بمحاولات لإيجاد تفسيرات موضوعية ومنطقية لسورة الفيل، وذلك للخروج من قيود النظرة التراثية الجامدة التي شاعت وتواترت في المصادر الإسلامية التاريخية القديمة.

محمد عبده، الذي وصف بكونه أحد المجددين الكبار في العالم الإسلامي، عمل على التقليل من حدة النزعة الإعجازية عند تناوله لسورة الفيل، في تفسير المنار، حيث نجده يقدم طرحاً مختلفاً لتفسير آياتها، فهو يميل لاعتبار هلاك أصحاب الفيل قد تم بواسطة مرض أو عدوى، فيقول:

"ويجوز الاعتقاد بأن الطير المذكور في السورة من جنس البعوض، أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض، وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس، الذي تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات فإذا اتصل بجسده دخل في مسامه، فأثار تلك القروح التي تنتهي بإفساد الجسم وتساقط لحمه، وإن كثيراً من هذه الطيور الضعيفة يُعَد من أعظم جنود الله في إهلاك من يريد إهلاكه من البشر، وإن هذا الحيوان الصغير الذي يسمونه الآن بالميكروب لا يخرج عنها".

وقد تعرض ذلك الرأي، فيما بعد بالكثير من الانتقاد، حيث علق عليه المفكر الإسلامي سيد قطب في كتابه "في ظلال القرآن"، مهاجماً جنوح عبده لصبغة القصة بصبغة عقلانية، فأكد على الجانب الإعجازي فيها، قائلاً:

"فهذه الخوارق–كما يسمونها– هي من سنة الله، ولكنها خوارج بالقياس إلى ما عهدوه وما عرفوه، ومن ثم فنحن لا نقف أمام الخارقة مترددين ولا مؤولين لها، متى صحت الرواية".

أما العالم الشيعي العراقي، السيد أحمد القبانجي، وهو المعروف بأراءه التي تختلف كثيراً عما هو متعارف عليه في السرد الشيعي، فقد فسر سورة الفيل على كونها أسطورة كانت معروفة ومنتشرة بين العرب قبل الإسلام، وأن الله لما حكى عن أصحاب الفيل في القرآن الكريم لم يقصد بذلك التأكيد على مصداقية القصة التاريخية، بل كان الهدف من ذلك هو تبيان العبرة والموعظة من قصة القضاء على الجيش الذي كاد أن يدمر البيت الحرام، وما في ذلك من إظهار القدرة الإلهية.

أما أكثر التفسيرات غرابةً للسورة، فكان تفسير أحمد صبحي منصور، زعيم طائفة القرآنيين، والذين يعتمدون في تفسير القرآن الكريم على القرآن نفسه، دون اللجوء للأحاديث النبوية.

يرى منصور، أن الفيل الذي سُميت به السورة، والذي ورد في آياتها، ليس المقصود به ذلك الحيوان المعروف بذلك الاسم، بل يرى أن كلمة الفيل هنا، تعني الخطأ، ويستدل على ذلك بما ورد في المعاجم اللغوية، ومنها على سبيل المثال كتاب لسان العرب لابن منظور، حيث ورد به في مادة فيل "فال رأيه: أي أخطأ وضعف... ورجل فيل الرأي: أي ضعيف الرأي".

وبحسب اعتقاد أصحاب هذا التفسير، فإن سورة الفيل لا تتكلم مطلقاً عن أحداث الهجوم على الكعبة، بل إنها تتكلم عن قوم لوط، الذين وقعوا في الفاحشة والخطيئة، فاستحقوا العقاب من الله.

ومما يستشهد به أصحاب ذلك الرأي، أن كلمة سجيل التي وصفت بها السورة، الأحجار التي ألقيت على أصحاب الفيل، لم تُذكر في القرآن، إلا في موضعين أخرين فقط، وذلك في سورتي هود والحجر، في سياق وصف العذاب الذي سلطه الله على قوم نبي الله لوط.

وبحسب أراء ذلك الفريق، فإن التفسير التراثي للسورة، والذي يذكر قصة أبرهة والفيل، لا يتماشى مع السنن الإلهية المعتادة، ذلك أن سكان مكة في تلك الفترة كانوا من المشركين، ولم يكن هناك رسول أو نبي بينهم، بحيث تتنزل معجزات الله لتأييد رسالته أو دعوته، كما أنه كثيراً ما تم تخريب الكعبة في التاريخ الإسلامي، على يد يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف والقرامطة، دون أن تحدث معجزة مثل تلك التي تذكرها السورة.


وفي موضوع أخر

لماذا هاجر المسلمون الأوائل إلى الحبشة دون غيرها؟ وكيف كانت حياتهم فيها؟

https://raseef22.com/wp-content/uploads/2018/05/MAIN_Abyssina.jpg

من المحطات البارزة في المرحلة المكيّة من دعوة الرسول محمد "الهجرة إلى الحبشة"، التي جرت في العام الخامس من دعوته.

فبعد تعرض المسلمين الجدد لحملة تعذيب منظمة من سادات قريش، حيث قامت كل عشيرة بتعذيب من أسلموا من أبنائها، اقترح الرسول عليهم أن يلجأوا إلى الحبشة قائلًا "فيها ملك لا يُظلَم عنده أحد".


وبالفعل بدأت عملية الارتحال المنظمة مع مجموعة مكونة من 83 رجلاً و17 إمرأة على رأسهم بعض كبار الصحابة كالزبير بن العوام وعثمان بن عفان وزوجته السيدة رقية ابنة الرسول ومصعب بن عمير وعبد الرحمن بن عوف وجعفر بن أبي طالب وغيرهم.

تلك المجموعة تفاوتت عودتها بين من عادوا مبكراً مثل عثمان وزوجته والزبير ومصعب بن عمير، وهو ما تثبته مشاركتهم في الأحداث التي وقعت بعد الهجرة إلى المدينة/يثرب في العام العاشر من الدعوة، وبعضها تأخر رجوعه إلى العام السابع الهجري، أي أن حَدَث "الهجرة إلى الحبشة" قد استمر نحو 12 عاماً.


لماذا الحبشة؟
السؤال هنا، لماذا الحبشة بالذات دوناً عن أي بلد آخر؟ بينما تُهمِل القراءة "المُدَيَّنَة" لتاريخ الدعوة المحمدية هذا التساؤل حيث أن الإجابة الجاهزة لديها وهي أن الرسول محمد "موجَّه إلهياً"، فإن القراءة الموضوعية تطرحه لمحاولة قراءة ما وراء سطور الوقائع.

مقارنةً بالبلدان الأخرى -داخل وخارج جزيرة العرب- فإن الحبشة كانت الخيار الأفضل إن لم تكن الخيار الوحيد.

فبدايةً، لم يكن من الآمن أن تتوجه الهجرة إلى أي بقعة من الجزيرة العربية، سواء تلك المستقلة أو الواقعة تحت النفوذين الفارسي والبيزنطي، حيث أن قبائل وعشائر ودول تلك المناطق كانت ترتبط بعقد "الإيلاف" مع قريش، فليس من مصلحتها أن تؤوي أعداء سادات مكة.

وبالتالي فإن طالب هؤلاء السادات برد من هاجروا إليهم كان مطلبهم سيتلقى استجابة فورية.

لم يكن من المتاح كذلك الانتقال إلى الأراضي البيزنطية أو الفارسية، فقد كانت دولتا الحيرة والغساسنة تلعبان دور "حارس البوابة" للدولتين الكبيرتين، فكان على أي مرتحل لبيزنطة أو فارس أن يحصل أولًا على مباركة الملك الحيري أو الغساني حسب وجهته، علمًا أن الغساسنة والحيرة كانت تربطهما علاقات الإيلاف السالفة الذكر.

فضلاً عن ذلك، فإن بيزنطة كانت تعاني حالة من الاقتتال الديني بين مذاهب المسيحية أو في شكل اضطهاد السلطة البيزنطية لليهود، فلم تكن ساحة آمنة لأي هجرة إسلامية.

بلد مسيحيٌّ لا يتبع بيزنطة
من ناحية أخرى، فإن الحبشة-أو مملكة أكسوم-كانت تمثل وضعاً فريداً، فهي دولة مسيحية لكنها لا تتبع بيزنطة، بل تتبع المذهب الأرثوذكسي القبطي المضطهد بيزنطياً مما خلق لدى السلطة السياسية فيها حالة من "التفهُم" لفكرة الهرب من الاضطهاد، وهي غير مرتبطة باتفاقات مع قريش بل أن علاقتها بقريش وبالجزيرة العربية كانت فاترة نتيجة تأييد العرب لطرد الأحباش من اليمن الذي كانوا يحتلونه، ونتيجة الحملة الحبشية بقيادة أبرهة، التي داهمت مكة سابقاً.

والوصول إليها لا يحتاج إلى المخاطرة باتخاذ طرق تمر عبر حلفاء لقريش، فكل المطلوب هو الوصول لبعض موانىء البحر الأحمر مثل جدة أو ينبع ثم عبور البحر نفسه بالسفن.

https://raseef22.com/wp-content/uploads/2018/05/HejraMap-675x1024.jpg

أما التعليل النبوي بأن ملكها عادل فإن معرفة الرسول محمد بذلك منطقية، فهو رجل حديث عهد بالتجارة والارتحال والاختلاط بالتجار ومعرفة أخبار هذا البلد أو ذاك، فمن الطبيعي أن يبلغه خبر عدل ملك الحبشة ليصبح نقطة ترجيحية لهذا الخيار.

كانت إذاً وجهة مثالية للهجرة من المنظور العملي البحت.

التحدي يظهر قراءة مسبقة للمشهد الحبشي
عندما فشل القرشيون في الحيلولة دون هجرة المسلمين، حاولوا مطالبة ملك الحبشة بردهم إليهم، فأرسلوا عمرو بن العاص ومعه عبد الله بن أبي ربيعة محملين بالهدايا للملك ورجاله وبطارقته (منعاً للاختلاط، البطارقة في المصادر التراثية قد تعني رجل الدين "بطريرك"، وقد تعني قيادات الجيش "باتارك"، والأرجح أنها الأخيرة خاصة وأن الحبشة لم يكن بها بطريرك وإنما أساقفة حيث كانت تتبع بطريركية الإسكندرية).

وبالفعل مثل ابن العاص بين يدي النجاشي-في المصادر العربية معروف باسم "أصمحة"-وأبلغه مطلب حكومة مكة معللاً ذلك بأن المسلمين "سفهاء فارقوا ديننا وليسوا على دينك".

كان قلق القرشيين من الهجرة إلى الحبشة بالذات منطقياً، فقد كانت مكة حديثة العهد بحملة أبرهة الحبشي عليها، وكان ساداتها يخشون من أن يكون هؤلاء الذين هاجروا قادرين على الاستقواء بالنجاشي واستمالته لتوجيه حملة على بلاد العرب أسوة بما كان من سيف بن ذي يزن مع الفُرس الذين أقنعهم بغزو اليمن، أو بما كان سابقًا من غزو الأحباش لليمن بعد نداء وجهه إليهم مسيحيو نجران.


ألمصــــــــــدر : شبكة رواسي نجد ألأدبية
الكاتب والناقل: خيال مطير
رصيف22

ملكة الرواسي
23-11-2018, 08:37 PM
موضوع رائع ومهم
يعطيك العافية خيال

نهر
24-11-2018, 12:20 AM
صحيح الفيله كانت ولا زالت في افريقا

لكن أعتقد ان قصة ابرهه قدًرها الله لحكمته البالغة ولتوجيه رساله للناس أجمع






حينما اراد ابرهه ان يهدم الكعبة احتاط بجميع الوسائل كي لايقف امامه عائق من سباع او خيول او نياق او غيرهم من المعوقات
فكر بكل شي!
لكن الله اتاه من فوق!!
(( ومكرو ومكر الله والله خير الماكرين))

رحيل
24-11-2018, 02:35 PM
لاهنت خيال
طرح قيم

خيال مطير
25-11-2018, 12:51 AM
يعطيكم ألعافيه مشكورين ع المرور

هزاع محمدالعاصمي
25-11-2018, 06:40 AM
موضوع يحوي شىء من التاريخ
كل الشكر خيال مطير على الموضوع وبالتوفيق
يعطيك العافية

الجووهره
25-11-2018, 10:38 AM
طرح رائع وموضوع قيم
يعطيك العافيه
ع الاختيار الجميل
والنقل المميز

خيال مطير
28-11-2018, 06:36 PM
ألله لايهينكم , مشكورين ع المرور ,,

النجلاء
28-11-2018, 07:27 PM
خيال
جزاك الله خير
موضوع جدآ رائع ومهم
شاكره لك وجودك ومجهودك
تقديري وتقييمي لسموك
النجلاء

مهرة يام
29-11-2018, 07:38 PM
يعطيك العافيه خيال
على الموضوع القيم والجميل
تقديري لك

خيال مطير
29-11-2018, 09:04 PM
مشكوره يالنجلاء ومشكوره ع التقيييم
مشكوره مهرة يام , كلكلكلك ذوق يالاميرهه ..

محمد الغنامي
29-11-2018, 09:10 PM
خيال مطير

طرح جميل ومهم
سلمت يداك ودام حضورك
مروري وتقديري

خيال مطير
05-12-2018, 04:30 PM
لاهنت يالامير , لاعدمتك ..