نبض قلب خالد
06-09-2016, 07:16 PM
أجلس في المقهى منتظراً أن تأتي سيدتي الحلوة. لماذا أحب "القهوة البلدي" وأكره الكافيه
الحنين إلى "القهوة البلدي"
قيل لنا عندما كنا صغاراً "بكره تتخرج وتيجي تقعد على القهوة"،
للأسف كبرنا وصرنا نجلس في الكافيهات بدلاً من "القهوة"
وصارت المقاهي مخصصة لكبار السن والمتقاعدين، وليست للعاطلين في الأغلب،
ولكن لو أتيح لي الخيار، بالتأكيد سأختار المقهى وليس الكافيه.
في المقهى أستطيع أن أشعر بجو من الدفء وعدم الافتعال الذي صار سمة الكافيهات الحديثة،
لا توجد تلك الصور العملاقة المكتوب عليها في الأغلب باللغة الإنجليزية،
مجرد كراسٍ مع ركن صغير عليه لوضع المشروبات.
يضاف إلى هذا أن القهوة في المقاهي اسمها قهوة فعلاً، ليست إسبريسو دي كاف أو شيئاً من هذا القبيل
الذي لم أستطع أبداً حفظ اسمه، وأحتاج إلى القائمة في كل مرة حتى أستطيع تذكره.
الأمر ليس بهذه السهولة، كم من مطلب في الحياة تستطيع أن تطلبه ويأتيك كما طلبته أو كما تعرفه؟
في المقهى هذه هي القاعدة، ليست هناك عمليات تجميل زائفة لطلباتك.
إلى جانب احترام "القهوة" لمطالبي وتحقيق رغباتي بشكل طبيعي، فهي تحترم حافظة نقودي من جهة أخرى،
يمكنني الجلوس فيها في الوقت الذي أريده دون أن أدفع أكثر من 5 جنيهات "بالبقشيش" قيمة الشاي الذي شربته،
وهو ما ستدفعه نظير زجاجة ماء صغيرة في الكافيه، قبل أن يضيفوا إليها الضرائب والخدمة!
وهذه وحدها قيمة أخرى مضافة إلى جمال المقاهي، لا يوجد هناك ما يسمى بضريبة الخدمة
على الرغم من أن القهوجي سيخدمك بعينيه، تشعر كأن العِشْرة التي بينك وبين المكان
تحول دون أن تأخذ منك ضريبة لقاء جلستك، لست ضيفاً هنا ولكنك "صاحب مكان".
ولهذا فالقهوجي لا يتصنع أبداً شيئاً ليس داخله، إن كان غير رائق المزاج
فستجده يأخذ طلباتك بصمت ويأتيك بها بصمت أيضاً.
هذا التأثر بالمقهى امتد ليشمل أدباء وشعراء كبار، في قصيدة للشاعر العظيم نزار قباني يقول:
"أجلس في المقهى منتظراً أن تأتي سيدتي الحلوة"،
وربما يعلم بعض الناس أن رواية الكرنك للأديب العالمي نجيب محفوظ كانت مسماة على اسم المقهى
الذي يجتمع فيه أبطال الرواية، فالمقهى له قيمة كمكان شهد أحداثاً من بعض القصص،
لا أعتقد أن أدبنا القادم ستكون فيها المكانة نفسها للكافيهات الحديثة،
فهي نسخة مشوهة أخرى لما مسه التغريب العشوائي للعديد من الأشياء الأصيلة في حياتنا،
فلا هي استفادت من النظام الموجود في الغرب ولا هي حافظت على روح "القهوة".
أما إن كان سعيداً فستجده صديقك الذي يتبادل معك الحديث في كل شيء،
أما في الكافيه فهناك هذا النادل الذي يرسم دائماً ابتسامة مصطنعة،
لن يتبادل معك الكثير من الكلمات سوى تلك الكفيلة بإضافة شيء ما إلى ما طلبته في مقابل مبلغ ما،
يكفي أن القهوجي سيقطع عليك خلوتك بعد دقائق من تقديم الطلب ليسألك:
"الطلب تمام يا فندم؟" مع الابتسامة نفسها السابقة.
الحنين إلى "القهوة البلدي"
قيل لنا عندما كنا صغاراً "بكره تتخرج وتيجي تقعد على القهوة"،
للأسف كبرنا وصرنا نجلس في الكافيهات بدلاً من "القهوة"
وصارت المقاهي مخصصة لكبار السن والمتقاعدين، وليست للعاطلين في الأغلب،
ولكن لو أتيح لي الخيار، بالتأكيد سأختار المقهى وليس الكافيه.
في المقهى أستطيع أن أشعر بجو من الدفء وعدم الافتعال الذي صار سمة الكافيهات الحديثة،
لا توجد تلك الصور العملاقة المكتوب عليها في الأغلب باللغة الإنجليزية،
مجرد كراسٍ مع ركن صغير عليه لوضع المشروبات.
يضاف إلى هذا أن القهوة في المقاهي اسمها قهوة فعلاً، ليست إسبريسو دي كاف أو شيئاً من هذا القبيل
الذي لم أستطع أبداً حفظ اسمه، وأحتاج إلى القائمة في كل مرة حتى أستطيع تذكره.
الأمر ليس بهذه السهولة، كم من مطلب في الحياة تستطيع أن تطلبه ويأتيك كما طلبته أو كما تعرفه؟
في المقهى هذه هي القاعدة، ليست هناك عمليات تجميل زائفة لطلباتك.
إلى جانب احترام "القهوة" لمطالبي وتحقيق رغباتي بشكل طبيعي، فهي تحترم حافظة نقودي من جهة أخرى،
يمكنني الجلوس فيها في الوقت الذي أريده دون أن أدفع أكثر من 5 جنيهات "بالبقشيش" قيمة الشاي الذي شربته،
وهو ما ستدفعه نظير زجاجة ماء صغيرة في الكافيه، قبل أن يضيفوا إليها الضرائب والخدمة!
وهذه وحدها قيمة أخرى مضافة إلى جمال المقاهي، لا يوجد هناك ما يسمى بضريبة الخدمة
على الرغم من أن القهوجي سيخدمك بعينيه، تشعر كأن العِشْرة التي بينك وبين المكان
تحول دون أن تأخذ منك ضريبة لقاء جلستك، لست ضيفاً هنا ولكنك "صاحب مكان".
ولهذا فالقهوجي لا يتصنع أبداً شيئاً ليس داخله، إن كان غير رائق المزاج
فستجده يأخذ طلباتك بصمت ويأتيك بها بصمت أيضاً.
هذا التأثر بالمقهى امتد ليشمل أدباء وشعراء كبار، في قصيدة للشاعر العظيم نزار قباني يقول:
"أجلس في المقهى منتظراً أن تأتي سيدتي الحلوة"،
وربما يعلم بعض الناس أن رواية الكرنك للأديب العالمي نجيب محفوظ كانت مسماة على اسم المقهى
الذي يجتمع فيه أبطال الرواية، فالمقهى له قيمة كمكان شهد أحداثاً من بعض القصص،
لا أعتقد أن أدبنا القادم ستكون فيها المكانة نفسها للكافيهات الحديثة،
فهي نسخة مشوهة أخرى لما مسه التغريب العشوائي للعديد من الأشياء الأصيلة في حياتنا،
فلا هي استفادت من النظام الموجود في الغرب ولا هي حافظت على روح "القهوة".
أما إن كان سعيداً فستجده صديقك الذي يتبادل معك الحديث في كل شيء،
أما في الكافيه فهناك هذا النادل الذي يرسم دائماً ابتسامة مصطنعة،
لن يتبادل معك الكثير من الكلمات سوى تلك الكفيلة بإضافة شيء ما إلى ما طلبته في مقابل مبلغ ما،
يكفي أن القهوجي سيقطع عليك خلوتك بعد دقائق من تقديم الطلب ليسألك:
"الطلب تمام يا فندم؟" مع الابتسامة نفسها السابقة.