المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : { الحرب على داعش <


خيال مطير
05-04-2016, 01:12 AM
http://1.bp.blogspot.com/-A-IzDnAzFGU/Us9sx62XeJI/AAAAAAAAjHo/RvIoiubxPfc/s1600/jihad-cartoon.jpg


مقاتلو داعش

الحرب الكونية على «داعش» لا تكفي. والتفويض إلى أهل المنطقة الانخراط الميداني لدحره دونه عقبات. ليس أولها تبديل السياسات والتحالفات والعلاقات وليس آخرها تحديد الأحجام والأدوار. الحوار قائم بين جميع المعنيين بالنظام الإقليمي على صفيح لاهب. وكلما تقدم ازداد سعيره. وتشعبت عناصره وتداخلت فيه عناصر جديدة. نجحت «دولة أبي بكر البغدادي» في تحريك كل أزمات الشرق الأوسط دفعة واحدة. وبقدر ما أربكت جميع اللاعبين استدرجتهم إلى أرض الواقع. كأن كل ما كان قبلها أوهام أو أضغاث طموحات، وحسابات غير دقيقة في أقل تقدير. وكل ما سيكون بعدها صورة مختلفة تماماً إذا قيض لهذه الحرب أن تكون مختلفة عن الحروب السابقة على الإرهاب.
الرئيس باراك أوباما في آخر عهده يواجه ما واجه سلفه جورج بوش الإبن في مطلع ولايته الأولى. ضاق الرئيس الأميركي السابق ذرعاً بالمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية التي صرف عليها سلفه بيل كلينتون بلا جدوى الكثير من الوقت، وأهدر جل ديبلوماسيته لا أي عائد. قرر رفع يده والانعزال عن شؤون المنطقة. لم يطل مقامه في عزلته. أخرجته «غزوتا نيويورك وواشنطن» إلى الشرق الكبير. شن حروبه الاستباقية من أفغانستان إلى العراق وطارد جماعات «القاعدة» في بقاع واسعة. ودفعت الولايات المتحدة ما دفعت من عديد جيوشها واقتصادها. وعندما اختار الأميركيون أوباما عولوا عليه لإعادة أبنائهم من الخارج وإخراجهم من أزماتهم الاقتصادية. لكنه بالغ في الانعزال إلى حد الاستقالة من أي دور فاعل في إدارة شؤون العالم. اعتمد على ما يسميهم «الشركاء» والقوى الدولية والإقليمية الكبرى. تعامى عما يجري في العراق وسورية وليبيا. وها هو اليوم يواجه التحدي الذي واجه بوش الإبن. عادت جماعات الإرهاب أقوى مما كانت عليه في العقدين الماضيين. من أفغانستان وباكستان إلى العراق وسورية واليمن وليبيا ودول الصحراء ووسط أفريقيا. وهي تستدرجه إلى الميدان.
بدا انعزال أميركا ترفاً لا يليق بالقوة العظمى. غضت إدارة أوباما الطرف عن «داعش» طويلاً حتى أعلنت هذه الحرب على أميركا مباشرة. لم تجتح المحافظات السنية فحسب. تقدمت نحو عاصمة كردستان، الحليف الوثيق والموثوق به للولايات المتحدة. وعرض حياة أميركيين مقيمين في إربيل. ورفع التحدي بذبح الصحافي جيمس فولي، مهدداً بالمزيد من الوحشية. باتت المواجهة مفتوحة على شتى الاحتمالات. وستكون أكثر تعقيداً من الحروب الاستباقية. ولا نتائج مضمونة مهما استدعى مسرح العمليات من دول بعيدة وقريبة. سياسة الحرب الميدانية لم تفلح في العراق على رغم وجود أكثر من مئة ألف وخمسين ألف جندي أميركي. ولم تفلح في أفغانستان على رغم حشد من القوات الدولية. استطاع الإرهاب جر الجميع إلى حرب استنزاف. ولم تثمر الغارات الجوية وطلعات الطائرات بلا طيار في تغيير الواقع على الأرض. أما إخلاء الساحة للقوى المحلية فقاد إلى ما هو أسوأ. من شرق أفريقيا إلى كابول.
دروس التجارب الماضية الحاضرة اليوم لا تشي بأن الحرب الكونية على «الدولة الإسلامية» ستضع أوزارها سريعاً بالقضاء على هذه الدولة. العناصر والقوى التي تدفع إلى التحالف الدولي الذي يتشكل لمواجهة «داعش» لكل منها حسابات ومصالح وتطلعات وشبكة من العلاقات لا تلتقي بالضرورة بل تتقاطع هنا وتتصادم هناك. تعاونت أميركا مع إيران في الحرب على أفغانستان ثم في العراق لإطاحة نظام صدام حسين. لكنهما سرعان ما افترقتا وتصارعتا ولا تزالان. وإذا كانت الحرب على «دولة أبي بكر» في العراق وسورية تستدعي التعاون مع طهران ومع النظام في دمشق، فلا شيء يؤشر إلى أن هذا التعاون سينسحب على كثير من القضايا والأزمات والملفات. وإذا كانت تستدعي تلاقي الخصوم الإقليميين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى دول الخليج وغيرها، فإن هذا التلاقي ليس نهائياً. ثمة ملفات وقضايا أخرى تستدعي حوارات ليست باليسيرة.
الحرب على «داعش» لن تكون عسكرية فحسب. إنها سياسية بامتياز. ولن تنجح الحرب على الإرهاب ما لم تجد أزمات المنطقة تسويات وحلولاً مرضية لكل اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين. نجح «الخليفة أبو بكر» في تحريك أكثر من ساحة سياسية. والسباق واضح على استثمار تداعيات قيام «دولته». محلياً قوّض أحلام القوى الشيعية بالامساك بكل مفاصل السلطة ودفعهم إلى تغيير جذري في مقاربتهم حكم البلاد. وأعاد الأكرد النظر في خطواتهم المتسرعة بعد سقوط الموصل. لوحوا بالانفصال رغم معارضة حلفائهم الأميركيين وجيرانهم... ولكن سرعان ما عادوا إلى أرض الواقع، وباتت قواتهم تقاتل إلى جانب القوات الحكومية. كشفت الحركة «الداعشية» هشاشة مشاريع التفرد والاستئثار. خارجياً دفع أبو بكر الرئيس أوباما تحت ضغط الجمهوريين إلى الخروج من عزلته وإن متأنياً وضمن حسابات داخلية واعتبارات خارجية دقيقة. وأشعل الصراع بين الإصلاحيين والمتشددين في إيران حيث كرت سبحة تقويض حكومة الرئيس حسن روحاني. ولم يتردد الأخير في شن حملة عنيفة على خصومه. دفعت طهران ثمناً غالياً. كفت يدها القوية في المنطقة اللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس». وأزاحت رجلها القوي في بغداد نوري المالكي. وحتى دول الخليج التي ارتاحت إلى تحرك أهل السنة وما أصاب المشروع الإيراني سرعان ما روعها زحف «الدولة الإسلامية» وما يحمل من استنهاض لحركات التطرف التي لا تزال تجاهد لاقتلاعها من شبه الجزيرة.
أيقظ أبو بكر مخاوف جميع اللاعبين في الشرق. أسقط سياسات وحدوداً وأحلاماً وأوهاماً. لكنه في المقابل ألّب كل هؤلاء عليه. فألف ما بين قلوب لم تأتلف منذ عقود. ولكن يجب ألا يستعجل المتفائلون. التحالف الدولي الذي يتشكل لمواجهة «داعش» فرضته الضرورة القصوى وليست القناعات والسياسات الواقعية. قام على صفيح ساخن وتداعي مواقع هنا وهناك. كأن ظروف الصفقة الكبرى لم تنضج بعد. فالقوى التي ترى إلى نفسها خسرت في العراق لن تستكين بسهولة. سياسة الثأر متجذرة في أرض المنطقة. ولن تكف هذه عن إيقاد جمر الحرب الأهلية. وبعض ما خسرته وقد تخسره إيران، مثلاً، في العراق لن تسمح بأن يخل كثيراً في ميزان القوى القائم. قد تستثمر في مكان آخر للحد من خسائرها في مكان آخر. حلفاؤها الحوثيون الذين ترددوا في دخول صنعاء عسكرياً بعد تطويقها دخلوها أخيراً بحشود غفيرة، مستنفرين الشارع اليمني بشعارات اجتماعية. ما قد يحصل عليه السنة في العراق على حساب القوى الحليفة لإيران قد يقابله ثمن للحوثيين حلفائها. وما قد يحصده خصومها الإقليميون في بغداد سيدفعون مقابله في صنعاء. وإذا كانت لا تشترط مقايضة في الملف النووي للإنخراط في الحرب على «داعش» التي هددت مواقعها في أرض الرافدين، فإن الحركة الحوثية قد تصرف المعنيين بالتسوية في اليمن وبالحرب على «القاعدة» إلى مقايضتها في ملفات شامية أخرى. فما يجري في العاصمة اليمنية بعد صعدة وكل الشمال يهدد المبادرة التي يرعاها أهل مجلس التعاون الخليجي، ويعرض نتائج مؤتمر الحوار، ويقوض الحرب الأميركية واليمنية الدائرة على «القاعدة» إياها في جنوت اليمن. وهذا ما يضاعف مخاوف أهل الخليج الذين يعيدون ترتيب مجلسهم، وتوسيع تعاونهم مع كل من مصر والأردن.
وأبعد من هاتين الساحتين تظل المنازلة الحاسمة في سورية. هي المحك لمدى جدية أهل المنطقة، ولعزيمة المسؤولين الأميركيين والأوروبيين الذين يعدون العدة لضرب «داعش». يقرون باستحالة القضاء عليها ما لم يشمل مسرح العمليات الساحة الشامية بأكملها، أي سورية وحتى لبنان الذي ينجر بكامل وعيه إلى الأتون المشتعل. لكنهم يقسمون اليمين المعظمة بأنهم لن يتعاملوا مع النظام السوري. لأن ذلك سيقود حتماً إلى إعادة تأهيله والاعتراف بنظامه. وهو ما تريده إيران التي استثمرت الكثير من العديد والعتاد والمال للحفاظ عليه. لكنهم يعرفون استحالة تقويض دعائم «الدولة الإسلامية» ما لم تشمل الحرب الساحة السورية... إلا إذا عمدوا إلى تسليح فصائل «المعارضة المعتدلة» بما كانوا يعدّونه أسلحة هجومية فتاكة وفعالة. وهو ما كانوا عارضوه منذ اندلاع الأزمة قبل أكثر من ثلاث سنوات، فلو كانوا لجأوا إلى هذا الخيار باكراً لما كانوا ربما واجهوا ما يواجهون في كل بلاد الشام. أو لعلهم يفكرون في إعادة بعث التسوية السياسية التي توقفت في جنيف لتكون خطوة ثانية بعد العراق على الطريق الطويل. وهو أيضاً خيار صعب المنال بعد أنهر الدماء والمذابح وتصحير المدن والدساكر.
أياً كان شكل التحالفات والتفاهمات في الحرب على «داعش»، فإن القضاء على حركات الإرهاب سيظل رهن الصفقة الكبرى التي تعيد التوازن بين قوى الإقليم، وتحدد لكل منها حجمها ودورها الطبيعيين. غير ذلك يعني عبور المرحلة في الوقت الضائع بأقل الخسائر الممكنة لجميع هذه القوى، إلى أن تتضح معالم الخريطة وتنضج صورة الحدود الجديدة الممكن منها والمستحيل... ليس في بلاد الشام وحدها بل جنوب الجزيرة وشمال أفريقيا.

الأسباب الحقيقية وراء الحرب على داعش

يهرب الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية من التدخل العسكري الخارجي، لإنقاذ الشعب السوري المكلوم، على رغم تثبته من حقيقة استعماله السلاح الكيماوي، والمجازر والإبادة الجماعية التي يقوم بها النظام السوري ضد الأطفال والنساء كل يوم، ويرفض تسليح الجيش الحر الذي يذود عن أهله وعرضه، بحجة أن فيهم إسلاميين متطرفين وإرهابيين ينتمون إلى القاعدة. والأسبوع الماضي راجت نغمة مؤداها أن غالب الكتائب الإسلامية المقاتلة مرتبطة بالنظام، وأن النظام هو من أخرج قادة الجبهة الإسلامية من سجونه بداية 2011.

منذ بضعة أشهر اتضحت المؤامرة الأميركية - الروسية على الشعب السوري بجلاء، تمثل ذلك في الاتفاق على مقايضة الملف النووي الإيراني بالموافقة على بقاء النظام في السلطة. ولكي لا يبدو الأمر وكأنه كذلك، عمد الغرب إلى تأليف مسرحية جنيف بموافقة جميع الأطراف الدولية، بما فيها المعارضة السورية الخارجية. وشرع الائتلاف السوري منذ بضعة أشهر في العزف على هذا الوتر، وبأنه ذاهب إلى جنيف لتسلم سلطة ذات صلاحيات كاملة. ولكنه حين وجد اعتراضاً شديداً من الكتائب الإسلامية في الداخل، غيّر بوصلته إلى مهادنة هيئة التنسيق التي خرجت من عباءة النظام. كما أغرى الأكراد عبر إعطاء وعد لهم بحكومة كونفيديرالية. ولكي يتماهى مع رغبات الغرب عمد الأسبوع الماضي إلى إصدار تصريح بأن دولة العراق والشام هي منظمات إرهابية، وحاول بالإيحاء أنه سيطالب المجتمع الدولي في جنيف بمساعدته في مكافحة الإرهاب.

يؤكد هذا المنحى أن الائتلاف أشعل فتيل الفتنة بين الكتائب الإسلامية يوم الجمعة الماضي، بينما نسي إجرام النظام في إلقاء البراميل المتفجرة على حلب وتجويع أهل الغوطة. فدفع ببعض الشبان المراهقين للخروج في مظاهرة ضد دولة العراق والشام. بهذه الرؤية يكون الائتلاف وضع عربته في سكة قطار واحدة متوازية مع النظام. وتسربت من أروقة الديبلوماسيات السياسية معلومات بأن النظام اتفق سراً مع بعض أعضاء الائتلاف عبر هيئة التنسيق بأن تخرج قرارات عن مؤتمر جنيف تطالب الأمم المتحدة بإدانة كل من يحمل سلاحاً ضد النظام، وكل من يدعم الإرهاب في سورية. وهذا بالطبع مصطلح مطاطي، ربما سيشمل غالب الفصائل الإسلامية، وسيشمل أيضاً دولاً عربية وإقليمية عديدة، ستصب جميع تلك القرارات في مصلحة النظام.

قضية ربط الإرهاب بالإسلام ليس جديداً، فما أن بدأت المرحلة التي تلت انهيار الشيوعية، حتى انبرت بعض الدول الغربية معلنة «تعريب»، أو «أسلمة» الإرهاب. وأخذت طبول أجهزة إعلام هذه الدول تطبل لنظرية (صموئيل هانتيغتون)، المسماة «صدام الحضارات»، وبدأ الترويج لظاهرة «الإسلام فوبيا» التي تعني الخوف من انتشار الإسلام في العالم. ولا يكاد يخلو اجتماع أو مؤتمر عالمي غربي أو شرقي إلا وعلى رأس بنوده مكافحة الإرهاب. وفي غالب الأحيان، حال فشل تلك القمم، تخرج مقرراتها بأن المجتمعين اتفقوا على مكافحة الإرهاب التي تعني بالضرورة الحركات الإسلامية في العالم عموماً والإسلام السنّي خصوصاً. أما المنظمات الضالعة في صميم الإرهاب فلا يجرؤ أحد على فتح ملفها مهما فعلت، كالحركات الدينية اليهودية المتطرفة في إسرائيل، مثل: حركة كاخ، وكاهانا، والعشرات مثيلاتها، وحركتي مانويل رودريغو، ولاوتارو في تشيلي، وجبهة مورانزانيست في هوندوراس، وجيش التحرير الكولمبي، ولجنة نستور باز زامور في بوليفيا، وحركتي الدرب المضيء وتوباك أمارو في البيرو، وحركة نمور تاميل إيلام في سيريلانكا، وحزب كمبوشيا الديموقراطي في كمبوديا، ومنظمة الباسك الإسبانية، ومنظمة الألوية الحمراء في إيطاليا، ومنظمة الجيش الأحمر المنتشرة في اليابان وألمانيا والكثير من البلدان، وطائفة (أووم شيزيكيو) اليابانية، والمافيات الروسية والإيطالية بأشكالها المختلفة، وهذا غيض من فيض.

أضحى مصطلح الإرهاب ملازماً للإسلام السنّي فحسب، وغُضّ الطرف عما سواه. ولكن الانتقاء أو الاستثناء في تعريف الإرهاب يهز صدقية دول العالم الغربية برمتها. اللافت إلى أنه منذ عامين دخل سورية جميع الأحزاب والمنظمات الشيعية في العالم لتقاتل بجانب النظام، ابتداء من حزب الله، وانتهاء بالمنظمات المسلحة الشيعية في أفغانستان والباكستان والهند، ومع ذلك لم تضعها الأمم المتحدة والدول الغربية على قائمة المنظمات الإرهابية.

يقول خبير الإرهاب الدولي راين جنكز: إن تعريف الإرهاب يجب ألا يستثني ديناً ولا عرقاً ولا جنسية ولا كياناً ما. وعرّف فقهاء القانون الدولي العام في اتفاق فيينا الإرهاب بأنه: كل مسلك عدواني من جماعات متعددة تعمل منفردة أو مشتركة بالتعاون بينها ضد كل الناس في مواقع متعددة لتحقيق أهداف غير نبيلة. ونشرت دار لافوزيل في فرنسا قبل أعوام عدة «موسوعة الحركات الإرهابية»، وذكرت الموسوعة أن نسبة الجرائم الإرهابية في القارة الأميركية لوحدها تعادل 80 في المئة، أما نسبتها في أوروبا فهي 11 في المئة، و9 في المئة في البقية، وهي موزعة على بقية دول العالم. وأحصت الموسوعة آلاف المنظمات والحركات الإرهابية في العالم.

إن إصرار الغرب على انعقاد مؤتمر جنيف ليس إلا تكريساً لبقاء الأسد في السلطة، ومنحه البطاقة الخضراء لقتل من بقي معارضاً في الداخل من شعبه بحجة محاربة الإرهاب. وفي الوقت عينه فإن موافقة الائتلاف على حضوره لا يعبر عن احترام تطلعات الشعب، وحق أولياء دماء الشهداء الذين ينيف عددهم على 130 ألف شهيد. ويبرز جلياً ضيق الأفق السياسي لدى الائتلاف الطامع في كراسي وزارية هامشية.

أن تكون حجة الائتلاف السوري هي السعي إلى تخفيف عذابات الشعب السوري، فإن تلك الحجة واهية، لأنه يمكننا استكناه عقلية النظام الأرعن. فلا جرم أن إجهاض الثورة يعني إبادة من تبقى من المناوئين له، وهو أمر مبيت بليل. وهذا مرفوض؛ لأن غالب قادة الكتائب المقاتلة على الأرض صرحوا مراراً أنهم لن يقبلوا بالتحاور مع النظام، ولن يلقوا السلاح الذي في أيديهم إلا بعد سقوطه.

قصارى القول: إن قرارات «جنيف2» لن تأتي أُكلها، ولن يتخذها أولئك السامدون الذين لم نسمع لهم ركزاً خلال الثورة. وإن صدرت فهي لا تلزم إلا كل معارض باخع نفسه ليجلس على كرسي، ولا يمكن إسقاطها على الواقع. فالثوار على الأرض هم من لديهم الكلمة الفصل، ولو طال الزمان.

عن جريدة الحياة

.استراتيجية دعائية تعزز المكاسب الميدانية

«خريطة الخلافة الإسلامية».. «جواز سفر داعش»، «أول ظهور لأمير التنظيم»..كانت هذه العبارات آخر ما تردد إعلامياً عن تنظيم «داعش» ليزيد من الترويج لأفكار التنظيم الذي جذب الانتباه دولياً خلال الفترة الأخيرة، ليس فقط اعتماداً علي النجاحات التي حققها ميدانياً في العراق وسوريا، وإنما من خلال حرب إعلامية وإستراتيجية دعائية يخوضها التنظيم.

https://www.mobtada.com/uploads/images/142039.jpg




>ويعتمد «داعش» علي إستراتيجية «التواصل الاجتماعي» المتطورة لنشر الخوف، والحصول على التمويل وتجنيد أعضاء جدد، وذلك من خلال ضخ تحديثات من أرض المعركة علي مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مثل «تويتر» و«فيسبوك» و«انستجرام» و«يوتيوب».
>وظهر تسجيل مصور وضع على الإنترنت، السبت، رجل يزعم أنه أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» خلال خطبة الجمعة في الجامع الكبير في وسط مدينة الموصل ثاني كبرى المدن العراقية، فيما يعد أول ظهور علني له منذ إعلان دولة "الخلافة الإسلامية" ومبايعته كخليفة للمسلمين، إلا أن الحكومة العراقية نفت صحة التسجيل، وقالت إنه «مزيف»، مضيفة أن القوات العراقية أصابت البغدادي مؤخراً في جوي وتم نقله إلى سوريا لتلقي العلاج، وذلك بحسب رواية الحكومة العراقية. ولم يتسن التحقق من صحة التسجيل من مصادر مستقلة، أو التأكد من أن الشخص الذي ظهر فيه هو البغدادي.


http://www.3yonnews.com/dynamic/uploads/images/G53b963fce53fd.jpg


>وظهر التسجيل المصور بعد أسبوع من تسجيل صوتي للبغدادي يعلن فيه «الخلافة»، ويدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم إلي الولاء للتنظيم، كما غير التنظيم اسمه من «الدولة الإسلامية في الشام والعراق» إلي «الدولة الإسلامية»، ونشر التنظيم خريطة «الخلافة» التي يعتزم السيطرة فيها علي الشرق الأوسط وأفريقيا ووصولاً إلي أوروبا خلال 5 سنوات.


http://www.3yonnews.com/dynamic/uploads/images/G53b963fd71c1d.jpg


ورغم أن الوضع الميداني في الشام والعراق، لم يشهد جديداً، بعد سيطرة التنظيم علي الموصل، يعتمد «داعش» علي التأثير في الرأي العام و«الحرب الإعلامية» لبث الرعب في نفوس العراقيين من خلال نشر صور يدعون فيها أنها لأشخاص قتلوهم ومناطق سيطروا عليها، مما يدفع العراقيون إلي النزوح خوفاً من أن يلقوا المصير نفسه.
وأكد محللون أنه حتى في حالة هزيمة «داعش» علي الأرض، فإن الاعتراف والزخم على الانترنت لا يقدر بثمن بالنسبة للتنظيم.

http://www.3yonnews.com/dynamic/uploads/images/G53b963fe47c47.jpg


وينقسم دور «داعش» في مواقع التواصل الاجتماعي إلي تقسيمات مختلفة، منها الحساب الإعلامي الرسمي للتنظيم، الذي يبث تسجيلات خاصة ببيانات التنظيم، وحسابات أقاليم «داعش»، ويتم من خلالها توفير بث حي للأحداث وصور، وحسابات «مجاهدي داعش»، حيث يتحدث المقاتلون فيها عن تجاربهم وحياتهم اليومية، وكذلك حسابات خاصة بمؤيدي التنظيم.
>واستخدم «داعش» «هاشتاجات» الخاصة بكأس العالم باللغة الانجليزية والعربية للترويج لمحتويات تتضمن دعاية لـ«داعش» علي مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر»، وذلك بالإضافة إلي «الهاشتاجات» المختلفة الخاصة بالتنظيم.
>ومن جانبه، أكد الزميل الزائر بمركز «بروكينجز» الدوحة، تشارلز ليستر، لصحيفة «جارديان» البريطانية أن «داعش يدفع بمعلومات كماُ ونوعاُ بشكل مؤثر»، مشيراً إلي أن التدفق المستمر لمواد تروج للتنظيم وجودتها العالية تعطي صورة لمتابعي هذه المواقع أن التنظيم علي درجة عالية من التنظيم والتسليح، ويستحق الانضمام به». واعتبر الباحث أن مواجهة هذه المواد الدعائية لا يقل أهمية عن وقف الصراع في المنطقة.
>واعتبرت «جارديان» أن حرب التأثير علي «الرأي العام» قد يكون أكثر أهمية بالنسبة للمجموعات المقاتلة من القتال نفسه، حيث يتم تحويل الخسائر العسكرية إلي «انتصارات دعائية»، واستخدام التقدم الميداني كأدوات قوية لحشد الدعم لقضيتهم.
>ومن جانبه، رصد الباحث في قضايا الإرهاب، جي إم بيرجر، زيادة ملحوظة في نشاط أنصار «داعش» علي مواقع التواصل، وخاصة «تويتر» خلال الأسابيع القليلة الماضية بما يصل إلي 40 ألف تغريدة، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة «سيدني مورنيج هيرلد» الاسترالية.
>وتعقب بيرجر نحو 3 مليون تغريدة من 7500 حساب من «شبكات ية» علي «تويتر» استخدمت 4 «هاشتاجات» ية معروفة وهي # داعش # جبهة النصرة # الجبهة الإسلامية #daash.

لما كانت تل أبيب تعي جيدا أن التحالف الدولي والإقليمي لمحاربة "داعش" (تنظيم الدولة) يحمل في طياته فرصة ذهبية لأطرافه من أجل تحقيق مآرب إستراتيجية تتجاوز هدفه المعلن المتمثل في القضاء على "داعش" وأعوانه من التنظيمات الإرهابية السنية المنتشرة في ربوع العراق وسوريا والتي تنذر بالتمدد كما السرطان في سائر أرجاء المنطقة، فقد هرع قادة إسرائيل إلى توخى كافة السبل الكفيلة بإيجاد موطئ قدم لها في هذا التحالف، بطريقة أو بأخرى وبأية صورة من الصور، بغية إدراك مرام إسرائيلية إستراتيجية شتى.

أوهام الخطر "الداعشى"


http://static.annahar.com/storage/attachments/142/BISI-israel-biking-2_684729_large.jpg


باستثناء بعض التحذيرات والتقارير الاستخباراتية الاحترازية، يكاد يتفق جل الخبراء والمسؤولين الإسرائيليين على عدم وجود تهديد جاد ومباشر لـ"داعش" بالنسبة لبلادهم.


فقد أكد كل من وزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه يعالون، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب عاموس يادلين، أن تنظيم "داعش" لا يشكل خطرا مباشرا أو جادا على إسرائيل.
"باستثناء بعض التحذيرات والتقارير الاستخباراتية الاحترازية، يكاد يتفق جل الخبراء والمسؤولين الإسرائيليين على عدم وجود تهديد جاد ومباشر لـ"داعش" بالنسبة لبلادهم"
ومن جانبه أورد يادلين -في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت في وقت لاحق من هذا الشهر- أسانيد إستراتيجية عديدة لهذا الطرح. فلوجيستيا ينشط التنظيم على مسافة بعيدة تمتد لمئات الكيلومترات من حدود إسرائيل، وخلافا لحركة "حماس" -الموجودة بمحاذاة حدود إسرائيل- فإن "داعش" لا يمتلك أنفاقا ولا قدرات مدفعية أو صواريخ، كما أنه ليس لديه حلفاء يزودونه بالسلاح المتطور.



http://media.almasryalyoum.com/caricature/large/6784_caricature.jpg


واستبعد يادلين وصول تأثير "داعش" إلى الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية فكريا أو عسكريا، إذ إن أيديولوجية هذا التنظيم الية موغلة في التطرف إلى درجة تأبى قبولها أكثر التنظيمات في المنطقة تشددا بما فيها تنظيم القاعدة ذاته.

وإستراتيجيا لا يتخطى تعداد مقاتلي "داعش" -بما فيه المليشيات التي انضمت له- عشرة آلاف مقاتل، وهو ما يعادل نصف حجم القوة العسكرية لحركة حماس، فيما لا يتجاوز مستوى تسليحه المتواضع سيارات "تندر" وبنادق "كلاشينكوفات" ورشاشات.

واعتبر يادلين أن تهديد داعش كمنظمة عالمية لإسرائيل لا يختلف جوهريا عن تهديد تنظيم القاعدة، الذي تتعايش إسرائيل معه منذ ما يربو على عشر سنوات، وأضاف أنه "في حال قيام "داعش" بنقل نشاطه من العراق إلى إسرائيل فإنه سيقع فريسة للاستخبارات الإسرائيلية وطائرات سلاح الجو والسلاح الدقيق المتطور الذي بحوزة القوات البرية الإسرائيلية".

http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSGluNqZQ8slDPYSkwn3stVpoaG8oMEU 3Y7g4JC1DhkEUM25DKmEQ

وبعدما نجح أو كاد في إعادة الجيش الأميركي تحت إدارة أوباما إلى العراق مجددا، فإن "داعش" مهدد بعشرات الدول الأعضاء في التحالف الإقليمي والدولي لمحاربته، تقف جيوش بعضها مثل العراق والأردن ولبنان إضافة إلى حزب الله كحاجز بينه وبين إسرائيل.

غير أن الخبراء الإسرائيليين قد أجمعوا على أن هناك خطرا فعليا آخر تشكله "داعش" على إسرائيل يكمن في إمكانية صرفه الاهتمام الإسرائيلي والعالمي عن مخاطر البرنامج النووي الإيراني، الذي يمثل تهديدا إستراتيجيا حقيقيا على أمن إسرائيل واستقرار المنطقة والعالم برمته.

دور استخباراتي


http://www.comx.me/library/comix-rkabmjf-1407138791.jpg


رغم الغياب النسبي لإسرائيل في خضم التحضيرات للتحالف الدولي والإقليمي ضد "داعش"، لم تلبث مصادر غربية وإسرائيلية تؤكد أن تل أبيب تحاول بطرق غير مباشرة أن تكون جزءا من هذا التحالف عبر القيام بدور استخباراتي مؤثر، حيث قدمت حكومة تل أبيب بالفعل للناتو ودول عربية مشاركة في الحرب على "داعش" معلومات قيمة عن مواقع وقدرات وتحركات التنظيم في سوريا والعراق، كما وفرت معلومات استخبارية وصورا التقطت عبر أقمارها الاصطناعية التجسسية لدعم الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم، والتي أعلن أوباما أن إسهامات الأطراف المشاركة فيها لن تكون عسكرية مباشرة فقط وإنما ستتوزع أدوارها ما بين الدعائي والاقتصادي واللوجيستي والأمني والاستخباراتي.

ومصداقا لهذا الطرح نقلت القناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلي "شيفا"، عن سفير الولايات المتحدة لدى تل أبيب "دان شابيرو"، أن البلدين يتعاونان منذ بداية أزمة "داعش" في تبادل المعلومات الاستخباراتية حول التنظيم، وأنهما سيواصلان ذلك التعاون دبلوماسيا وعسكريا في أعقاب خطاب الرئيس الأميركي أوباما ليلة الحادي عشر من سبتمبر/أيلول حيث الذكرى الثالثة عشرة للاعتداء على برجي مركز التجارة العالمي، والذي حدد خلاله معالم إستراتيجيته لمكافحة "داعش" في سوريا والعراق.


http://www.24.ae/images/Articles/201408241021588.Jpeg?1420

وفى إشارة لا تقبل التشكيك، على اعتراف واشنطن بوجود دور إسرائيلي استخباراتي في الحرب على "داعش"، أكد "شابيرو" أن كون إسرائيل شريكا إستراتيجيا محوريا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط كفيل بأن يجعل منها ركنا مهما من أركان الحملة العالمية والإقليمية الراهنة لمحاربة الإرهاب.


http://janoubia.com/wp-content/uploads/2014/06/iran-and-israel.jpg


فاجأت الضربات الجوية -التي شنتها القوات الأميركية وحلفاؤها العرب على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية وفصائل أخرى- معظم المراقبين والمهتمين بالشأن السوري، كونها لم تتأخر كثيرا بعد تصويت الكونغرس الأميركي لصالح خطة الرئيس الأميركي، القاضية بدعم وتسليح المعارضة السورية.

وتأتي هذه الضربات لتؤكد وجود تحول نوعي في التعاطي الأميركي مع الأزمة السورية، ذلك أن الإدارة الأميركية اتخذت مواقف لامبالية بما يجري داخل سوريا منذ أكثر من ثلاث سنوات، رغم مناشدات دولية وعربية، وعارضت تسليح المعارضة بأسلحة نوعية، بل وحاولت منع الدول الراغبة من فعل ذلك.


http://s12.postimg.org/5rib0mzd9/image.jpg


"أسباب عديدة تقف وراء التحول الأميركي، لا تختصر على مشاهد قتل الصحفيين الأميركيين من طرف داعش، بل تتعداها إلى أن داعش بات يهدد أميركا وحلفاءها ومصالحها في المنطقة"
غير أن هذا التحول له حيثياته وأسبابه الأميركية، الخاصة، ويقتصر على الجانب العسكري، ضمن إستراتيجية الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وبالتالي يبرز السؤال عن وضع السوريين في هذه الحرب التي تجري على أراضيهم، وهل أخذت في الحسبان المخاطر التي قد تسببها وتزيد من هول الكارثة التي ألمّت بهم، نتيجة الحرب الشاملة التي بدأ بشنها النظام السوري على غالبية السوريين، بوصفهم الحاضنة الاجتماعية للثورة السورية.

حيثيات التحول


http://www.garaanews.com/upload/ec01b3541663de194995067221446cc3.jpeg



جاء التحول في الموقف الأميركي بعد سنوات من اللامبالاة والمماطلة والتردد، إلى أن بات الوضع كارثيا وخطيرا، ولعل أسبابا عديدة تقف وراء التحول، لا تختصر على مشاهد قتل الصحفيين الأميركيين من طرف عناصر داعش، ومدى تأثير ذلك على الرأي العام الأميركي، بل تتعداها إلى أن داعش بات يهدد الولايات المتحدة وحلفاءها ومصالحها في المنطقة، خاصة مع سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا، وعلى بعض حقول النفط في سوريا، واقترابه من حقول كركوك والشمال العراقي.



http://media.almasryalyoum.com/News/Large/2014/04/03/200037_0.JPG

يضاف إلى ذلك أن مقاتلي داعش لم يعودوا بضعة آلاف، ضمن مليشيا منفلتة، بل تعدى عددهم الثلاثين ألف مقاتل، ولهم قيادة عسكرية، مكونة من ضباط محترفين، يضعون إستراتيجية، تعتمد على المباغتة وسرعة الانتشار والاقتحام، فضلا عن استخدام تنظيم الدولة لماكينة إعلامية، تنفذ ما تريده وفق حرفية عالية، وباستخدام متقن لوسائل الاتصال الحديثة.

ويتكون الجسم الأساسي لتنظيم داعش من عناصر غير سورية، حيث تفيد تقارير موثوقة بأن عدد المقاتلين القادمين من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وسواها، يشكلون جيشا من عدة آلاف، وهناك تخوف كبير مما سيفعله هؤلاء حين يعودون إلى الولايات المتحدة وبلدانهم الأوروبية، بل هناك خشية حقيقية من قيامهم بأعمال انتقامية وشيكة، على غرار ما حدث من قبل، في نيويورك وواشنطن ولندن ومدريد وباريس وغيرها.

http://cdn2.arabyonline.com/images/2014/09/1411883135c1420k-520X300.jpg



ولعل هذه الحيثيات والأسباب جعلت الرئيس الأميركي يعدل عن عدم اكتراثه ولامبالاته، ويتحرك سريعا لتوجيه ضربات جوية إلى بعض مواقع داعش في العراق وسوريا، كونه بات يمتلك مبررات لانتقال القرار الأميركي من موقف المتفرج غير المكترث بما يجري إلى موقف الفاعل الذي يريد تصفية هذا التنظيم، وعدم ترك ملاذ آمن له.

لكن ذلك لا يلغي أن التحول في الموقف جاء على خلفية الإقرار بأن وجود الخطر لا يختصر على العراق وسوريا، بل له امتدادات إقليمية ودولية، لذلك اضطر الرئيس الأميركي إلى وضع إستراتيجية، تسعى إلى تصفية مقاتلي داعش وأشباهه "أينما وجدوا".

مخاوف السوريين



غير أن الأولوية، بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية وللحلف الذي تسعى إلى تشكليه، ليست سوريا، بل العراق، وبالتالي يبدو مؤجلا التحرك الأميركي الفاعل لحل الأزمة في سوريا إلى حين حدوث تطور ما.

وقد تكتفي الإدارة الأميركية بتوجيه ضربات جوية مباغتة، وآنية، لمواقع التنظيم في كل من الرقة ودير الزور والبوكمال وتل أبيض وسواها، مثلما فعلت في الجولة الأولى من عمليات ال، التي قامت بها في الساعات الأولى من صباح 22/9/2014، وذلك من أجل لفت الرأي العام الغربي والحلفاء إلى أنها جادة في محاربة التنظيم.
"تزداد مخاوف السوريين من خطة أوباما ضد داعش في سوريا، كونها قد تمتد إلى عدة سنوات، ما يعني زيادة الكلفة البشرية والمعاناة الإنسانية دون أن تتضمن رؤية سياسية لحل الأزمة"
ومع ذلك هناك تخوف لدى السوريين من ألا يكون الرئيس الأميركي جادا في المضي بإستراتيجيته، وخاصة في جانب دعم وتسليح المعارضة السورية، مثلما لم يكن جادا في ضربة عسكرية ضد النظام السوري، حين اخترق الخط الأحمر الذي وضعه أوباما بنفسه، ثم محاه في صفقة، جردت القاتل فقط من سلاحه، ولم تكترث لأرواح الضحايا.

وتزداد مخاوف السوريين من خطة أوباما ضد داعش في سوريا، كونها قد تمتد إلى عدة سنوات، وما يعني ذلك من زيادة الكلفة البشرية والمعاناة، ولا تتضمن رؤية سياسية لحل الأزمة، وتتحدث عن تدريب خمسة آلاف مقاتل، تختارهم الجهات الأميركية المختصة من بين عناصر "الجيش السوري الحر"، بهدف محاربة داعش ودحرها على الأرض، في حين أن مقاتلي الجيش السوري الحر وجميع "المعتدلين"، يرون في النظام خطرا إلى جانب داعش، ويساوون بين النظام وبينه، بل ويعتبرونه صنيعته، ولن يتوقفوا عن محاربته.



http://www.globalarabnetwork.com/images/stories/2013/June/10253223_301909733290086_698398959_n.jpg

وتثير تعقيدات الوضع العسكري في سوريا التباسا في فهم التطورات الحاصلة فيها، لدى واضعي الإسترتيجية الأميركية، الذين لا يأخذون معاناة السوريين في الحسبان، ولا يضعونها ضمن حساباتها، حيث إن السوريين -معارضة سياسية أو عسكرية- لم يشتركوا أو يستشاروا في وضع الخطة الأميركية، وكل ما عليهم هو تنفيذ ما تريده الإدارة الأميركية منهم، أي أن يبقوا في موقع المنفعل وليس الفاعل.

والأمر لا يعود برمته إلى الطرف الأميركي فقط، إنما يعود أيضا إلى مختلف أطراف المعارضة السورية، التي ارتضت لعب هذا الدور منذ بداية الأزمة، وراهنت على الدور الخارجي من أجل دعمها ونصرة قضيتها.

ولعل المهم هو أن تعرف المعارضة السورية كيفية الاستفادة من محاربة داعش والدعم الذي قد تتلقاه، من أجل تجييره في صالح تعجيل الخلاص من الوضع الكارثي. وهذا يتطلب فهم السياسات المتناقضة بين دول المنطقة، التي تترتب عليها اصطفافات إقليمية، لدول تتنافس في لعب الأدوار في المنطقة، مثل تركيا وإيران، ومدى انعكاس ذلك في الحرب على داعش.

وقد عانت أطراف المعارضة السياسية السورية ضعفا مزمنا في قراءة الموقف الأميركي من الأزمة السورية، بالنظر إلى السمة الرغبوية، التي طبعت تلك القراءة، فضلا عن صدورها عن موقع الضعيف، وليس القوي أو المؤثر في مسار تطور الأحداث. والأمر ذاته ينطبق على موقف المعارضة السياسية حيال قوى الثورة في الداخل، منذ البدايات، التي طاولها تراكم الأخطاء والانحرافات، ولم تتمكن القوى السياسية المعارضة وقتها من قيادة الثورة أو توفير مظلة سياسية لها، توجهها وتقودها.

جرعة الخذلان



http://www.algareda.com/wp-content/uploads/2014/01/2014-635249869971157691-115.jpg



المخاتلة في سياسات الإدارة الأميركية حيال سوريا هو جرعة الخذلان التي تجرعها سوريون كثر، حيث عمدت إلى القول بحتمية الحل السياسي، وأن لا حل عسكريا للأزمة في سوريا، وهو ما يوافق رؤية سوريين كثر، لكن من غير أن تبذل الإدارة الأميركية أي جهد حيال العمل على تهيئة ظروف ومعطيات الحل السياسي المنشود.

بالمقابل، لا يكل نظام الأسد من استجداء الولايات المتحدة ودول العالم، كي تقوم بدور ما في الحرب على الإرهاب، مع العلم أنه لم يتوقف يوما عن ممارسة الإرهاب ضد شعبه، وأسهم في رعاية وتقوية كل أصناف الإرهاب. وهناك آراء تحذر من أن الحرب على داعش قد تصب في مصلحة النظام، وربما ستقوي موقفه عسكريا. وكان واضحا أن نظاما استخدم السلاح الكيميائي ضد شعبه الأعزل، لا يمكن للولايات المتحدة أو سواها من دول الغرب أن تضع يدها بيده، لأسباب أخلاقية على الأقل.



وقد حاول النظام الإيهام بأن الإدارة الأميركية نسقت معه وأخبرته بموعد الهجمات الجوية الأولى على مواقع داعش وأشباهه، لكن تبين أن الأمر لم يتعد الإخطار بالهجمات، كي لا يتعرض لأية طائرة لقوات دول التحالف، ولتذكيره بتحذير الرئيس الأميركي، باراك أوباما، من أنه "إذا فكر وأمر قواته بإطلاق النار على الطائرات الأميركية، التي تدخل المجال الجوي السوري، فسندمر الدفاعات الجوية السورية عن آخرها، وسيكون هذا أسهل لقواتنا من ضرب مواقع داعش".
"بين تعويل نظام الأسد ورهانات الإدارة الأميركية يبقى السؤال عن معاناة السوريين ومصير سوريا، وعن طموحات الثائرين في الخلاص من نظام الأسد، والسير نحو تحقيق أهداف الثورة في الحرية والتحرر"
والأكيد هو أن نظام الأسد يعي جيدا أنه لا يمكنه الإقدام على "أي عمل يندم عليه"، ويعي كذلك أن واشنطن لن تنسق معه حول الضربات الجوية ضد تنظيم داعش، لذلك لم يجد سوى الترحيب بالغارات، مستجديا التنسيق معه من جديد، الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي طالب بالتنسيق مع نظام الأسد واحترام سيادته المفقودة، فيما لام الرئيس الإيراني حسن روحاني حليفه السوري على قبوله أراضيه.

ويبدو أن المهم بالنسبة لنظام الأسد هو اطمئنانه إلى أن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لن تضرب مواقع قواته والمليشيات الإرهابية التي تقاتل دفاعا عنه، مثل مليشيا حزب الله وأبو الفضل العباس وعصائب الحق وسواها.
ويراهن هذا النظام على أن تؤدي الغارات الأميركية إلى إضعاف قوات المعارضة، على أمل أن يعيد احتلال المناطق التي قد تنسحب منها داعش وغيرها، فيما تراهن الإدارة الأميركية على إنضاج الظروف التي تمكن المعارضة المعتدلة من محاربة داعش، وذلك من خلال إعادة تدريبها وتأهيلها، كي تستطيع القيام بالدور المطلوب.

وبين تعويل نظام الأسد ورهانات الإدارة الأميركية يبقى السؤال عن معاناة السوريين ومصير سوريا، وعن طموحات الثائرين في الخلاص من نظام الأسد، والسير نحو تحقيق أهداف الثورة في الحرية والتحرر.

محمد الغنامي
05-04-2016, 02:27 AM
خيال مطير
سلمت يداك ودام عطاك
الصراحه الموضوع طويل جداً
ويحتاج وقت اطول للقرائه
سلمت ولاهنت

الشامخه
05-04-2016, 02:32 AM
خيال سلمت يداك ويعطيك ربي
الف عافيه والله ينصر جنودنا البواسل بالجنوب
تقبل مروري المتواضع.

عايض العتيبي
05-04-2016, 10:08 AM
يعطيك العافيه خيال

مهرة يام
05-04-2016, 12:06 PM
خيال مطير
يعطيك الف عافيه
على الموضوع القيم
دمت ودام ابداعك اخوي
احترامي لك
ينقل للقسم المناسب

خيال مطير
05-04-2016, 03:34 PM
خيال مطير
يعطيك الف عافيه
على الموضوع القيم
دمت ودام ابداعك اخوي
احترامي لك
ينقل للقسم المناسب

اي قسم مناسب اختي ,,, حضارات العالم ليس بالارهاب والقتل

مشكوره ع المرور ~

ملكة الرواسي
05-04-2016, 03:37 PM
موضوع اكثر من رااائع
سلمت والله يعافيك

خيال مطير
13-04-2016, 11:41 PM
يسلمك ربي ~

هند العنزي
14-04-2016, 01:01 AM
سلمت ع الموضوع الهام
يعطيك الف عافية
خالص الشكر والتقدير