المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهشاشة والبشاشة في وجوه الناس


سحاب
28-12-2015, 02:41 PM
علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبه الكرام أن ينظروا بعد العمل إلى قبول الله وعلاماته في هذا القبول، فليس الشأن أن تعمل فقط، ولكن الشأن هو قبول الله منك. فهناك قومٌ يعملون ويستكثرون من الأعمال حتى تكون أعمالهم كالجبال، يقول عنهم الواحد الأحد عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً} الفرقان23
جعل الله عملهم كله هباءً لأنهم يعملون عملهم رياءً وسمعة لخلق الله.

وهناك قومٌ يعملون أعمالاً قليلة، لكن نيّاتهم مليئة بالإخلاص لله وإفراد الله بالعبادة والوحدانية، ولايرجون بالعمل إلا رضاء الله والثواب لمن أعده الله يوم لقياه، ولا ينتظرون من الخلق أجراً ولا ثواباً ولاسمعة ولا ثناءاً، لأنهم يعلمون أن الخلق لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً ولا موتاً ولاحياةً ولانشوراً، فكيف لغيرهم، وهؤلاء حتى ولو أخطأوا في بعض الأعمال وانتابت أعمالهم بعض الهفوات أو الزّلات، يقول عنهم الله: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ} الأحقاف16
يتقبل الله عنهم أحسن ما في هذه الأعمال وأطيبها ويَدَعُ الهفوات والزلات والنسيان لأنهم يعملون وهم راجون فضل الله.

فعلَّمهم النبى صلى الله عليه وسلم أن ينظروا إلى علامات جليات واضحات إذا ظهرت في المرء تدلّ على أن الله تقبل منه عمله فيباركون له قبول العمل ويهنئونه بكريم المثوبة وعظيم الأجر من الله لأن الله تقبَّل عمله. وعلامات قبول الأعمال كثيرة، وسنأخذ الصيام مثلاً لأنه المعسكر التدريبي والورشة الأخلاقية التي تعقد شهراً كاملا كل عام للمسلمين، فهو من أفضل الأمثلة لبيان ثمرة وغاية العبادات:

أول علامة لقبول طاعات وصيام شهر رمضان هي أن يخرج العبد بعد رمضان وقد تحسنت أخلاقه، وقد تغيرت معاملاته سواءٌ مع أهله أو مع خلق الله أجمعين .. فإذا كان قبل رمضان عنده شيءٌ من الجفاء في معاملة الخلق، والقسوة في معاملة الزوجة والأولاد، وسرعة الغضب مع الآخرين والإنفعال لأى قول يقال له من الحاضرين، نجده بعد رمضان وقد غلبت عليه الرحمة للخلق أجمعين، والشفقة في معاملة زوجته وأولاده، والحلم في معاملة كل خلق الله، علامة الصيام المقبول أن الله يغيّره ويجعله وفق الأخلاق المرضية التى ورد فيها فى الأثر: {إن الله يحب من خَلْقه من كان على خُلُقه}.

وقد جعل الله الصيام هو وحده الذى يُثقّل موازيننا يوم القيامة، وهو الذى يبلغنا المقام العظيم بجوار النبي الكريم في الدار الآخرة وجنة النعيم، فمن يريد تثقيل ميزان حسناته ماذا يفعل؟ نسأل الخبير الذى عيّنه لنا الكبير عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: {مَا من شيْءٌ أَثْقَلُ في مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ}{1}

والذي يريد أن يكون مع النبي في الدار الآخرة وفي جواره في جنة النعيم، ماذا يفعل لينال هذا المقام الكريم؟ وضّح السيد السند العظيم هذا الباب وكيفية الدخول إلى هذا الرحاب فقال لأولي الألباب: {إنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقاً}{2}
وقال: {أَحَبُّكُمْ إِلَى اللَّهِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقَاً، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافَاً الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَى اللَّهِ الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُلْتَمِسُونَ لَهُمُ الْعَثَرَاتِ الْمُفَرقُونَ بَيْنَ الإخْوَانِ}{3}

وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم قيمة حُسن الخلق وشأنه في العبادات عندما أجاب أصحابه يوما أن العابدة المؤذية لجيرانها فى النار، وأن قليلة النوافل المحبة لجيرانها فى الجنة، فبيَّن أن الذي يحسِّن الأعمال ويجعلها تنال القبول عند الواحد المتعال هو الخلق الحسن الذى يتخلَّق الإنسان به في نفسه، إن كان مع أهله أو مع ذوى رحمه أو زملائه في العمل أو مع الخلق في ميادين هذه الحياة.

ولذلك جعل صلى الله عليه وسلم من جملة العبادات التى يتناساها الخلق الآن الهشاشة والبشاشة في وجوه الآخرين، فمن تبسَّم في وجه أخيه كان له بذلك صدقة، ومن قال لأخيه كلمة طيبة فهى صدقة، ومن سكب فى دلو أخيه له صدقه، ومن دلَّ على الطريق صدقه، ومن مدَّ يده مصافحاً أخيه غسل الله هذا الرجل وأخاه من الذنوب وتساقطت ذنوبهما لأنهما تصافحا وأذهبا وحر الصدر من قلوبهما، وكان من جملة العبادات التعاملات العبادية التى لا غنى عنها جماعة المؤمنين والمؤمنات .

الأمر الثاني الذي يدرك العبد فيه أن الله قد تقبل عمله: أن قيمة العبد عند ربه بمراقبته لربه، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم تفاوت الناس في القرب فقال: {واللَّهِ إنِّي أَتْقَاكُمْ للَّهِ وأخشاكُمْ لَهُ}{4}
أى أنا أقربكم من الله وأنا أشدكم خوفاً من الله.

فكلما زادت مراقبة العبد لمولاه دلّ هذا على قرب مكانته من الله وعلى رفعة مقامه عند الله ويزيد على ذلك إذا كانت هذه المراقبة في غيبة الخلق بأن يراقب الله في السّر والعلن .. بأن يراقب الله في الظاهر والباطن .. بأن يراقب الله في الخلأ والملأ .. بأن يعلم علم اليقين بأن الله لا يخلو عنه زمان ولا مكان، فلا يستطيع أن يحرّك جوارحه في أى زمان ولا مكان بمعصية الديان لأنه يعلم أن الله يطلع عليه ويراه.

السيد زيني
29-12-2015, 08:02 AM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
موضوع جميل ونقل اكثر من رائع
والحمدلله ان ديينا لم يقيدنا بعمل معين لندخل الجنة
وانما ترك لنا ابواب متعددة لا تقدر ولا تحصى من الاعمال
وهي والله يسيره على من اخلص فيها وبالمقابل ثقيلة على من اراد بها السمعة
اسأل الله أن يوفقنا لعمل صالح يحبه منا ويقبضنا عليه بحسن خاتمة


جزاك الله خير

النجلاء
29-12-2015, 10:42 AM
الريم
جزاك الله خير الجزاء
وجعله الله في موازين اعمالك ان شاء الله
تقديري لوجودك ومجهودك
النجلاء

محمد الغنامي
29-12-2015, 12:44 PM
الريم
جزاك الله خير الجزاء
وجعلها الله في موازين حسناتك

نور
29-12-2015, 04:47 PM
جَزآك آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. "
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ
" آلتًقُوِىَ " وً " آلغفرآنَ "
وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~
وً عٍمرً آلله قًلٍبًك بآلآيمٍآنَ .~
علًىَ طرٍحًك آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .!

عسولة مكه
30-12-2015, 04:02 AM
جزاك الله خير يالريم وتسلمي على ماقدمتي

مهرة يام
30-12-2015, 01:04 PM
الريم
جزاك الله كل خير
واثابك الله الجنان
احترامي لك

سحاب
09-02-2016, 06:59 PM
السيد زيني
بارك الله فيك اسعدني وجودك
دمت بود وتقدير

سحاب
09-02-2016, 07:00 PM
النجلاء
بارك الله فيك اسعدني وجودك
دمتي بود وتقدير

سحاب
09-02-2016, 07:01 PM
الغنامي
بارك الله فيك اسعدني وجودك
دمت بود وتقدير

سحاب
09-02-2016, 07:01 PM
نور
بارك الله فيك اسعدني وجودك
دمتي بود وتقدير

سحاب
09-02-2016, 07:01 PM
عسوله
بارك الله فيك اسعدني وجودك
دمتي بود وتقدير

سحاب
09-02-2016, 07:02 PM
المهره الاصيله
بارك الله فيك اسعدني وجودك
دمتي بود وتقدير

زهرة توليب
10-02-2016, 03:54 AM
الريــــــــم
جزاك الله خير الجزاء جنات الفردوس الأعلى
موضوع قيم ومفيد ربي يعطيـــــك العافية
دائما مواضيعك متميزة لا تحرمنا منها
بانتظار جديدك الشيق لا عدمناك
تحياتي وتقديري ومودتي

روابي
18-02-2016, 01:40 AM
الريم

يسلمو على الموضوع القيم والمفيد

وشكراً على اختيارك الرائع

بارك الله فيك


http://img11.hostingpics.net/pics/81052873n2.gif

حمد اليامي
23-02-2016, 07:24 PM
جزاك الله كل خير
بارك الله فيك
جعلها الله في موازين حسناتك
تحياتي لك