المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لن اســامـــح


عسولة مكه
12-10-2014, 04:43 AM
لَن أُسَـامِــح :"/


:: اتِّصالٌ هاتِفِيٌّ ::

- السَّلامُ عليكم .

- وعليكم السَّلام . مَن معي ؟

- أخوكَ .

فسَكَتَ ...

- كيف حالُكَ يا أخي ؟

لم يَرُدّ .

- أخي ، أجِبني .

ظَلَّ صامِتًا ...

- أخي ، واللهِ إنِّي أُحِبُّكَ ، ولم أفعل شيئًا يَستحِقُّ هذه القطيعة .

لم أفعل شيئًا يَستحِقُّ هذه المُعاملةَ الجافَّةَ والهَجرَ .

مُجرَّدُ خِلافٍ في الرأي غيَّرَكَ هكذا !

لا أُصدِّق أنَّ هذا أخي ، صاحِب الأخلاق الحَميدة ،

والقلب الطيِّب .

ما زال أخوه صامِتًا ...

- إن كُنتَ تراني مُخطِئًا في حقِّكَ ، فأعتذِرُ عَمَّا بَدَرَ مِنِّي ،
فلم أقصِد إغضابَكَ ، ولم أُرِد إزعاجَكَ ، وإنِّي أُحِبُّكَ ،

وأُريدُ لكَ الخيرَ ، ولا أُحِبُّ أن نقطَعَ أواصِرَ أُخُوَّتِنا ،

أو أن نجرحَ عِلاقتَنا ، وننسى صِلتَنا وقرابتنا .

سامِحني يا أخي ، واعفُ عنِّي .

فرَدَّ عليه قائِلًا : لن أُسامِحكَ .
وأغلَقَ الهاتِف .

ذَهَبَت في زيارةٍ لأُختِها .

طرقت البابَ ، ففتَحَت لها ، وكأنَّها صُدِمَت حين رأتها .

فلم تعرِف أتُسلِّمُ عليها ، وتُدخِلُها لبيتِها ، وتُرَحِّبُ بها ،

أم تُغلِقُ في وجهها البابَ .
وقفَت قليلًا مُتحيِّرةً .

ثُمَّ سلَّمَت عليها ، وصافحتها مُصافحةً مُرتبِكةً ، وأدخلتها .

جلَسَت معها صامِتةً .

شعرت أُختُها أنَّها لا تُريدُ استقبالَها ، وأنَّها تحمِلُ في نفسِها

شيئًا عليها ، فلم تُظهِر لها ذلك . وبدأت تسألُها عن أحوالِها
وأحوالِ أبنائِها ، وهِيَ تُجيبُها على قدر السُّؤال .
- قالت : ماذا بِكِ يا أُختي ؟!

- قالت : لا شيء .

- قالت : ما زِلتِ غاضبةً مِنِّي ؟!

فسَكَتَت ...

- قالت : يا أُختي ، كُلُّ شيءٍ نصيبٌ . لم تتوقَّف الدُّنيا

عند رَفضِنا لزواج ابنِكِ من ابنتِنا . وليس معنى ذلك
أنَّ ابنَكِ رجلٌ سيِّئ . فما كان قرارُنا إلَّا بعد استخارةٍ .

وهذا ما قَدَّرَه اللهُ تعالى . أنهجُرُ بعضَنا لأجلِ شيءٍ



قدَّره اللهُ لنا ؟! أنقطَعُ أرحامَنا ونُقسِّي قُلوبنا وقُلوبَ

أبنائِنا لأمرٍ كهذا ؟!

أفيقي يا أُختي ، وانظُري فيما فعلتِ ، وعلى أيِّ شيءٍ

قاطعتِ .

فنَظَرَت إليها ، وهِيَ تقولُ في نفسِها : لن أُسامِح .

ترفضون زواجَ ابني بابنتِكم ، وتُريدُونني أن أُسامِحَكم !

وهل مِثلُ ابني يُرفَض ؟! شابٌّ يملكُ بيتًا ووظيفةً لا يَجِدهما

غيرُه من شباب اليوم .
ثُمُّ رَفعَت صوتَها ، وقالت غاضِبةً : لا تتكلَّمي في هذا الموضوع
ثانيةً ، فلا أُحِبُّ الحَديثَ فيه .

- قالت : ألَا تُسامِحي يا أُختي ! ألَا ترضينَ بقَدَر اللهِ ،

وتبحثين لابنِكِ عن زوجةٍ أُخرى مُناسبةٍ !

فأعرَضَت بوَجهِها عنها ، وقالت : هذا أمرٌ لا يَخُصُّكِ .

لم تستطِع الجُلوسَ أكثرَ من ذلك وهِيَ ترى هذا الجَفاءَ
من أُختِها . فخَرَجَت من عندها ، ودُمُوعُها على خَدِّها .

كان في خِلافِاتٍ ومشكلاتٍ مع أبيهِ على أشياء ماديَّةٍ

وحُطامٍ دُنيويٍّ زائِلٍ ، أوصلَه للوقوفِ أمامه في المحاكم .

مَرِضَ أبوه ، واشتدَّ به المَرضُ ، فلم يُفكِّر في زيارتِهِ ،

ولو زيارةً عابِرةً . لم يُفكِّر في السُّؤال عنه أو معرفةِ أحواله ،
بل ولم يذهَب لرؤيتِه وهو يحتضِر . حتى تُوفِّيَ ، فلم يَرِقّ

قلبُه ، وحَضَر جنازتُه على مَضَض .

لم يُسامِح أباه قبل موتِهِ ، بل لم يطلُب منه أن يُسامِحَه ،

أن يَدعوا له ، أن يَرضَى عنه .

سلَّمَت على صديقتِها ، فرَدَّت السَّلامَ ، ولم تُصافِحها كعادتِها .
بدأت تُكلِّمُها ، فلم ترَ منها استجابةً أو تفاعُلًا .

سألتها عن سبب سُكوتِها وإن كانت فعلت شيئًا أغضبَها .

- فأجابتها قائِلةً : أنسيتِ ما قُلتيه بالأمس ؟!

- قالت : وماذا قُلتُ ؟!

- قالت : أنسيتِ كلامَكِ الجارح ، وأُسلُوبَكِ القاسي ؟!

- قالت : ما قُلتُ إلَّا كلامًا طيِّبًا ، وما نصحتُكِ إلَّا برِفقٍ ،

وما كُنتُ إلَّا رقيقةً معكِ ، مُشفِقةً عليكِ ؛ لأنِّي أُحِبُّكِ .

أتَعُدِّينَ النصيحةَ الحانيةَ قسوةً ؟!

- قالت : لكنِّي لن أُسامِحَكَ على ما فعلتِ .

- قالت : أمرُكِ غريبٌ يا صديقتي ! ما فعلتُ شيئًا

يجعلُكِ تتغيَّرين هذا التَّغيُّرَ الكبيرَ .

فتركتها ، وغادرت المكانَ .

ألقَى جارُه عليه السَّلامَ ، فلم يَرُدّ .

أعاده ثانيةً ؛ ظنًّا منه أنَّه لم يَسمعه ، فلم يَرُدّ .

نظر إليه مُتعجِّبًا ، وقال : ما بالُكَ يا جاري الحبيب

لا تَرُدّ عليَّ السَّلامَ ؟!

- قال : وهل أعرتني اهتمامًا أصلًا حتى أرُدَّ عليكَ ؟!

- قال : ماذا تقصِدُ يا جاري ؟! فأنتَ حبيبي وأخي في الله .

كيف لا أهتَمُّ بِكَ ؟!

- قال : أَوْلَمْتَ لابنِكَ عند زواجِهِ ، ولم تدعُني لحُضور الوليمة .

- قال : بل دَعوتُكَ .

- قال : لم تدعُني .

- قال : لَعلِّي نسيتُ مع كثرةِ الانشغالاتِ وطلباتِ الأُسرةِ

ومهامي ومسئوليَّاتي الكثيرة . ثُمَّ إنَّكَ لا تحتاجُ لدعوةٍ ؛

فأنتَ صاحبي وحبيبي ، تحضُرُ مع أوَّل الحاضِرين ،

بل وتستقبِلُ الضيوفَ معي .

- قال : دَعكَ من هذا الكلام ، فلن أُسامِحكَ على هذا الموقفِ

الذي تجاهلتني فيه ، ولن أنساه أبدًا .

- قال : بل سامِح يا أخي ، فالأمرُ لا يستدعي ذلك ،

والتَّسامُحُ من شِيَم الكِرام .

- قال : لن أُسامِح .

ودَخَلَ بيتَه ، وأغلَقَ البابَ .

كثيرةٌ هِيَ المواقِفُ التي تَمُرُّ بنا ، أو بالنَّاس حولنا .

قد تكونُ مُشكلاتٍ بسيطةً ، أو خِلافاتٍ عاديَّةً .

وقد تكونُ مواقِفُ يغلِبُ عليها الجهلُ أو النِّسيانُ .

لا يُسامِحُ أصحابُها ، ولا ينسون الإساءةَ ،

وإن كانت غيرَ مقصودةٍ .

تظلُّ المواقِفُ عالقةً بأذهانِهم ، تُؤرِّقُ نومَهم ،

وتُعكِّرُ صَفوهم ، وتُكَدِّرُ أيَّامَهم ، رغم أنَّها

لا تَستحِقُّ ذلك .

تُمحَى كلمةُ التَّسامُح من قامُوسِهم ، وتُحذَفُ كلمة الصَّفْح

من قُلوبِهم ، وتغيبُ كلمةُ العَفو عن حياتِهم .

يُقسِّونَ قُلوبَ أبنائِهم بسُوءِ تصرُّفاتِهم ، ويَحرمون أنفُسَهم

أُجورًا كثيرةً بهَجرهم وخِصامِهم .

أحِبَّتي في الله ، أيَّامُنا في الدُّنيا مَعدودةٌ ، وأنفاسُنا مَحدودةٌ ،

والدُّنيا فانيةٌ زائِلةٌ .

كُلُّ لحظةٍ تَمُرُّ بنا تُقرِّبُنا أكثرَ من قُبورنا ،

وتُبعِدُنا عن دُنيانا بزَخارِفها وملذَّاتِها .

لا شيءَ يَستحِقُّ مِنَّا أن نهجُرَ أحبابنا لأجلِهِ سِوَى المَعصيةِ ؛

لأجل أن يرتدِعوا ويَعودوا إلى اللهِ .

الكُفرُ هو سببُ الهَجر والقطيعةِ .

لكنْ أن نهجُرَ إخوةً لنا في اللهِ ، أن لا نُسامِحَهم ،

أن نُقاطِعَهم ونرفُضَ مُقابلتَهم ، ونَرُدَّهم إذا أقبلوا علينا ،

فهذا ما لا يرضاه دِينُنا ، ولا يرضاه رَبُّنا سُبحانه .

أتعلمونَ أنَّه

( لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يَهْجرَ أخاهُ فوقَ ثلاثِ ليالٍ )

مُتفقٌ عليه ؟!

أتعلمونَ أنَّه

( تُفتَحُ أبوابُ الجنَّةِ يومَ الاثنينِ ، ويومَ الخميسِ ،

فيُغفَرُ لِكُلِّ عبدٍ لا يشُرِكُ باللهِ شيئًا ،

إلَّا رجلًا كانت بينَهُ وبينَ أخيهِ

شحناءُ ، فيُقالُ : أنظِروا هذَينِ حتَّى يَصطلِحا ، أنظِروا هذَينِ حتَّى

يَصطلِحا ، أنظِروا هذَينِ حتَّى يَصطلِحا ) رواه مُسلم ؟!

أتفرَحُ إذا أُوقِفتَ بين يَدَي اللهِ سُبحانه في الآخِرةِ ؛

لِيُقتًصَّ لأخيكَ منكَ ؟!

أتفرَحُ إذا أخذ من حسناتِكَ ؟!

أترضَى أن يَرجَحُ مِيزانُ سيِّئاتِكَ على مِيزان حسناتِكَ

بسبب قطيعتِكَ لأخيكَ المُسلِم ؟!

أعلَمُ أنَّ في داخِلِكَ خيرًا كثيرًا ، وأنَّكَ تُحِبُّ أخاكَ في الله ،

وتتمنَّى لو تحتضنه وتُصافِحه بقُوَّةٍ ، لكنَّ موقِفَه آلَمكَ .

انسَ ما بَدَرَ منه .

أقبِل عليه .

تأكَّد أنَّه سيَفرحُ بكَ ، سيبكى إذا رآكَ ،

لن يستطيعَ أن يُعَبِّرَ لكَ عن مَدَى سعادتِهِ بكَ .

لا تَقُل : أنتظِرُ مُبادرتَه هو وإقبالَه إليَّ ،

فقد أقبل إليكَ من قبل ورَدَدتَه .

كُن أنتَ الفائِزَ بالحَسناتِ ، المُبادِرَ إلى الخَيراتِ ،

الطَّالِبَ للجَنَّاتِ .

لا تَدَع شيطانَكَ يُوَسْوِسُ لكَ ويُثنيكَ عن ذلك .

لا تسمَح لنفسِكَ الأمَّارةَ بالسُّوءِ أن تطلُبَ منكَ الاستمرارَ

في القطيعةِ .

لا تجعل هواكَ يُحرِّكُكَ ويُزيِّنُ لكَ هَجركَ وخِصامَكَ .

كُن قويًّا تستطيعُ التَّغلُّبَ على كُلِّ ذلك ،

فـ ( المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ )

رواه مُسلم .

خُذ قرارًا شُجاعًا بأن تَعفُوَ وتصفَحَ ، وأن تجعل ذلك صِفةً

مُلازِمةً لكَ ؛ فبها تنالُ الأجرَ ، بل والأجمل من ذلك مغفرةُ

اللهِ سُبحانه ، ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ

وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/22 .

فيا له من فضل !

لا تحرِم نفسكَ منه .

فقط صَحِّح نيَّتَكَ ، ولتَعفُ ولتُسامِح لله ؛

ابتغاءَ مَرضاتِهِ ، وطَمعًا في جنَّاتِهِ .

حينها ستشعُرُ بتَغيُّر قلبِكَ للأجمل ، وتبدُّل حياتِكَ للأحسن ،

وستستشعِرُ قولَه تعالى : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ

عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/134 .

حُبُّ اللهِ غايةٌ نسعى لها ، نتمنَّاها ، ونسعَدُ لو حقَّقناها

في دُنيانا وآخِرتنا .

لهذا فاعمَل ، وكُن مُتسامِحًا ، مُحسِنًا ، مُتناسِيًا للزَّلَّاتِ ،

مُتجاوِزًا عن الأخطاءِ والهَفواتِ .

وَفَّقنا اللهُ وإيَّاكُم لمَرضاتِهِ ، وجعلنا مِن أهل جنَّاتِهِ .


http://www.imageslove.net/ar/photo/img_1374239489_517.gif

جولييت
12-10-2014, 04:04 PM
بارك الله فيــــــــــك
وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة .
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع الله قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك ..
احتــــرامي وتــقديري...

النجلاء
12-10-2014, 10:49 PM
عسوله
يعطيك العافيه يالغلا ع الموضوع الرائع
دائماً مميزه بما تنتقين
تحياتي لك
النجلاء

تلميذة الايآم
13-10-2014, 12:00 AM
لن اسامح

ياكثر ماقلته واتضحك مع الناس وانسى اني مطنقره اصلا..
ياقو قلوبهم ياحيي وش هالقساوه
اعنبو دارهم تسيف لهم قلوب

ياعسانن ماأعيش الفقد ولا القطاعه ولايفجعن ربي بغالي
<<تقل شطحت


بجد موضوعك راقي جزاك ربي كل خير ياعسليه..
تقبلي مروري ملي هالصوابر:/

عسولة مكه
13-10-2014, 03:48 AM
بارك الله فيــــــــــك
وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة .
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع الله قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك ..
احتــــرامي وتــقديري...



يسسسلموووو ع التواجد العطر

عسولة مكه
13-10-2014, 03:49 AM
لن اسامح

ياكثر ماقلته واتضحك مع الناس وانسى اني مطنقره اصلا..
ياقو قلوبهم ياحيي وش هالقساوه
اعنبو دارهم تسيف لهم قلوب

ياعسانن ماأعيش الفقد ولا القطاعه ولايفجعن ربي بغالي
<<تقل شطحت


بجد موضوعك راقي جزاك ربي كل خير ياعسليه..
تقبلي مروري ملي هالصوابر:/



يسسسلموووو ع التواجد العطر

عسولة مكه
13-10-2014, 03:50 AM
عسوله

يعطيك العافيه يالغلا ع الموضوع الرائع
دائماً مميزه بما تنتقين
تحياتي لك

النجلاء





يسسسلموووو ع التواجد العطر

محمد الروقي
13-10-2014, 04:10 AM
هنا هو مدخل الشيطان
وليس من الدين والايمان فالقطيعة قطع صلة الرحمن
جزاك الله خير عسوله

عسولة مكه
13-10-2014, 04:32 AM
هنا هو مدخل الشيطان
وليس من الدين والايمان فالقطيعة قطع صلة الرحمن
جزاك الله خير عسوله



يسسسلموووو ع التواجد العطر