المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفه مع مقولة شهيرة


ريم الفلا
24-10-2017, 01:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وقفه مع مقولة شهيرة

(( أعـــــــــــــذب الـــشعر أكذبـه ))

أستاذِ الكريم .. عبد الله الروقي


ممكن تتكلم لنا عن هذه المقولة ولماذا قيلت
وهل اذا كتبت شعر خيالي يعتبر كذبه غير مرغوبه !!
وهل كما يقال الشعر الخيالي ينقص من الشاعر اذا لم يكن له ملهمه خاصه او حدث معين ؟

لذا يقال الشاعر الذي يغلب على شعره الغزل لابد وأن يكون رومانسي او لديه { ملهمة } وهذه الملهمة هي المحبوبة

وهكذا ..

كثير تستوقفني هذه المقوله

وارددها كثيرة ،،" وخاصة في أغراض الغزل والوجد

..

ملكة الرواسي
24-10-2017, 06:57 AM
ريومه يعطيك العافيه ياروحي

محمد الغنامي
24-10-2017, 09:10 PM
جميل شاعرتنا
كلنا نبادلك نفس الشعور ونفس السوال
دمتي بخير وفي انتظار ابو محمد

الناقد/عبدالله الروقي
28-10-2017, 12:24 AM
أهلا بالأستاذة ريم لاهنتي على الطرح يارائعة وإن شاء الله قريبا!
لاهنتي ياملكة ويامراحب يابو بندر !
تقديري للجميع،،،،

مهرة يام
28-10-2017, 08:04 PM
يعطيك العافيه ريومه
على الطرح الجميل
تقديري لك

النجلاء
29-10-2017, 12:29 AM
يعطيك العافيه شاعرتنا
موضوع رائع يستحق الوقوف عليه
شاكره لك وجودك ومجهودك
تقديري لسموك
النجلاء

سناء
01-11-2017, 04:50 PM
أعجبني القسم الخاص بالنقد أكيد نستفيد من مثل هكذا موضوعات في القسم
"ريم الفلا"
اختي اسمك هنا اصلا يصلح لان يكون موضوعا نقديا:thumbsup:
عموما إن من البيان لسحرا

شكرا على فكرة الطرح

الناقد/عبدالله الروقي
14-11-2017, 09:09 AM
الأخوات الفاضلات المهرة والنجلاء وسناء
شكرا على المرور في هذا القسم الرائع
وبلاشك نستفيد من مداخلاتكم جميعا ,وإن شاء الله نكون هنا قريبا

ناصر الهواوي
14-11-2017, 11:39 AM
موضوع جيد بس على الله يرد الناقد ليفيدنا

الناقد/عبدالله الروقي
18-11-2017, 09:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أعتذر للأستاذة ريم على التأخر في الرد لأن هذا السؤال الجواب عليه طويل عريض تكتنفهُ عدة آراء ومذاهب للنقاد
وقضية بسطه بتفصيل ودراسة شاملة ليس بالأمر الهين ولايتسع مقام كهذا لمن يريد أن يدرس الموضوع من جميع جوانبه ويحيط به, لأن الموضوع تتجاذبه عدة اتجاهات كثيرة منها:دينية ومنها أدبية ...إلخ .
ومثل هذا الطرح يحتاج إلى بحث أصيل طويل عريض كموضوع بحث مثلًا في الدراسات العليا يحوي الموضوع من جميع جوانبه ثم في نهاية البحث يبدي الباحث رأيه وفق مااستوحاه بعد جمعهِ لجميع الآراء من عدة مراجع.
لكن حسبنا أننا سنذكر أشهر الآراء في هذه المقولة على سبيل الإيجاز الذي لايخرم الفهم!
اطلعت على آراء من كتبوا في هذا المجال،ووجدت الموضوع عائم مابين مؤيدٍ له شواهده ,ومعارض له شواهده وكلٌّ له رأيه.
وحتى نجمع هذه الآراء نذكرها على إيجاز وهي أربعة مذاهب:
الأول:مؤيدون لمقولة أن أعذب الشعر أكذبه.ويدعمون رأيهم بتأييد بعض النقاد مثل قول الرازي:(وكل شاعر ترك الكذب، والتزم الصدق؛ نزل شعره ولم يكن جيداً)
المذهب الثاني:يعارضون هذه المقولة ويرون أنها أخطأت الصواب ,ويدعمون رأيهم بجمال القرآن وصدقة ورصانته وعلو كعبه وشدةِ وقوعه في النفوس وهو خال من الكذب.ويدعمون رأيهم بكلام بعض النقاد منهم: الآمدي الذي ينفي أن يكون مذهب العرب هو أن أعذب الشعر أكذبه ،ويقول: ( لاوالله بل أعذب الشعر أصدقه).
وقول ابن رشيق: (ومن الناس من يرى أن فضيلة الشاعر إنما هي في معرفته بوجوه الإغراق والغلو، ولا أرى ذلك إلا محال؛ لمخالفته الحقيقة، وخروجه عن الواجب والمتعارف).
وأصحاب الرأي الثالث:وقفوا موقفا وسطًا بين المؤيدين والمعارضين واختاروا التفصيل في المسألة وهم جمهور العلماء والأدباء وقالوا أعذب الشعر أقصَدَه كما قال المرزوقي، فقَبَلُوا من المبالغة ماكان منها حسنًا جاريا مجرى الاعتدال الذي لايراه الناس مستنكرا ولامستهجنا , أو ماكان قائما على التصوير الخيالي بشرط ألا يكون فيها إيهام بأن المتكلم يقرر حقيقة واقعة بكل عناصرها, بل يدرك المستمع أن الكلام على سبيل المبالغة فيأخذ المعنى مع زيادةٍ مقبولة.
المذهب الرابع: من أجاز العبارة ولكن مقيدة:ومن أنصار هذا المذهب الخفاجي حيث يقول: "وأما المبالغة في المعنى والغلو: فإن الناس مختلفون في حمد الغلو وذمه، فمنهم من يختاره ويقول: "أحسن الشعر أكذبه"، ويستدل بقول النابغة وقد سئل من أشعر الناس؟ فقال: من استجيد كذبه، وأضحك رديئه، وهذا هو مذهب اليونانيين في شعرهم، ومنهم من يكره الغلو والمبالغة التي تخرج إلى الإحالة، ويختار ما قارب الحقيقة، ودانى الصحة.
هذه المذاهب الأربعة مطروحة ومعروفة وأنا نقلتها للإيضاح فقط , لأجل استعراضِها قبل إبداء الرأي!
والذي أميل إليه حسب علمي القاصر ويميل له غيري - والعلم عند الله - وليس هذا استدراكًا على الجهابذة ولكنها وجهة نظر كما قيل: (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) أن الصواب والذي يظهر ويترجح - والله أعلم هو مذهب التفصيل؛ وذلك لحديث ورد عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الشعر بمنزلة الكلام، حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام)
فالشعر كلام ما تخلله من مخالفات شرعية مثل الهجاء أو إيغار الصدور والكذب الحقيقي ...إلخ فهذا مرفوض, وضده مااستخدمه الشاعر للدفاع عن دينه ومايُدخل الفرح والأنس على أخيك المسلم من المدح المحمود الخالي من الغلو والمبالغة, ومايتعلل به من الشعر الحسن ... إلخ فهذا مقبول
,وسأذكر بعض الأمثلة التي تدعم هذا الرأي وسأذكرها على شكل أقسام مختصرة ليس على سبيل الحصر بل على سبيل ضرب المثل للفهم السريع فقط وليس للتأليف ,لأن المسألة والله أعلم تحتاج تفصيل واستدلال على كل جزء وليس هذا محله.
القسم الأول:الكذب في الطرح،وهذا لايختلف عليه اثنان أن هذا لاتقبله النفوس،ومثاله كهجاء رجل فاضل أو عالم ...إلخ ووصفه بصفات ذميمة ليست فيه, كوصفه بما يخرم المروءة وهو خالٍ منها ,أو كمن يمتدح من لايستحق المدح ويصفه بصفات ليس أهلًا لها ويبالغ في المدح كما قال عبدالقاهر الجرجاني: (كوصف الحارس بأوصاف الخليفة), أو كمن وصف بالكرم رجلًا والناس يعرفونه قليل الرماد كما يقولون, فهذا كَذِبٌ صريح محرَّم بإجماع العلماء ,ومرفوضٌ تَمُجهُ النفوس ولاتقبله,حتى ولو كان بليغًا فإن بلاغته تذوب في فُحْشِه ومجافاته للحقيقة, بل يكفي أن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ولايزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا كما جاء في الحديث,وكذلك الكذب في المدح المخالف للشريعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (احثوا في وجوه المداحين التراب) فلايمكن في هذه الجزئية أن نقول أعذب الشعر أكذبه,مادام أنه يخالف ديننا وشريعتنا الغراء ,بل الصواب هنا أن نقول أعذب الشعر أصدقه.
ومن الأمثلة على الطرح البليغ الفكاهي الذي - قد - يوغر الصدور مثل:
قول إسحاق بن خلف عندما رأى رجلًا قصيرًا جدًّا وله لحية طويلةٌ جدًّا يقال له داؤود فأنشد أبياتًا قال فيها:
ما سرني أنني في طولِ داؤودِ=وأنني عَلَمٌ في البأسِ والجودِ
ماشيت داؤودَ فاستضحكتُ من عجبٍ=كأنني والدٌ يمشي بمولودِ
ما طولُ داؤود إلا طول لحيتهِ=يظلّ داؤود فيها غير موجودِ
كالأنبجانيِّ مصقولًا عوارِضُها=سوداءُ في لِينِ خدِّ الغادةِ الرُّودي
تَكِنُّهُ خصلةٌ منها إذا نَفَحَتْ=ريحُ الشمالِ وجفّ الماءُ في العودِ
والأبيات واضحة وبليغة وفكاهية مضحكة لكن ماذا عن داؤود ؟!
وشرحًا لها يقول:لايسرني أنني في طول داؤود ولو قيل لي سنجعلك عَلَمًا في البأس والجود لكن كن طولَ داؤود لما رضيت,وقد ماشيت داؤود فضحكت متعجبا من طوله فهو قزم ولحيته طويلة,فطوله ولحيته سَواء, ثم شبه لحيته كالثياب مصقولا عوارضها,سوداء لينة مثل ليون خد المرأة الناعمة,ويقول خصلة واحدة منها تُكِنُّهُ وكافيةٌ لسَتْرِه لأنه قصير,وهذا الذي يقال فيه أعذب الشعر أكذبه ولذلك قال الله تعالى: (والشعراء يتبعهم الغاوون).
القسم الثاني:الصدق في الطرح عكس الأول وأمثلته كثيرة كمدح شخص بصفات موجودة فيه,بحيث أن من سَمِع القصيدة قال صَدَق,وهو كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم:
وإن أشعَرَ بيتٍ أنتَ قائلهُ = بيتٌ يُقالُ إذا أنشدتهُ صَدَقا
ولعل هذا النوع هو الذي يقصده الآمدي في قوله أن يكون مذهب العرب هو أن أعذب الشعر أكذبه ،ويقول لاوالله بل أعذب الشعر أصدقه.
ويكفي أن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة ولايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا كما جاء في الحديث
فهنا أيضا يقال أعذب الشعر أصدقه.
والثالث:صدق العاطفة
وهنا سأضرب مثال بأبيات للشاعر المخضرم مروان بن أبي حفصة الذي عاصر أواخر عصر بني أمية وبداية حكم العباسيين.
وهذه أخذتها من دراسة للناقد/إسماعيل بن إبراهيم بن حمد السماعيل في كتابه(شاعر اليمامة مروان بن أبي حفصة)
مروان قصته طويلة لكن باختصار أنه دائما مايمتدح معن بن زائدة الشيباني لأنه يحبه حب القلب للقلب وعندما مات معن رثاه دَمًا بقصائد بلغت من السبك غايتها ومن الجمال منتهاه ,لأنها خرجت من القلب وماخرج من القلب لايسير إلا إلى القلب, لأنه يحب الأمويين وإن كان يُضمر هذا في قلبه ,لقيام الدولة العباسية بعد سقوط الأمويين,فكتب مروان من الشعر أعذبه في معن ,وهذا الذي نقصده وهو صدق العاطفة الذي يؤدي إلى جمال التعبير, وهنا يقال أعذب الشعر أصدقه.
القسم الرابع:كَذِب العاطفة
وهذا مثاله أيضا قصيدة مروان لكن على النقيض من القسم الثالث فعندما قامت الدولة العباسية وفي حكم المهدي كان مروان-لأنه شاعر مخضرم أدرك عصرين متتاليين- له علاقة مع الخليفة العباسي المهدي, والشاهد عندما مات الخليفة رثاه مروان بقصيدة لاتستحق أن يطلق عليها قصيدة بل قال الناقد إسماعيل بن إبراهيم أنها خرجت عن مسمى الشعر إلى النظم والقصيدة هي :
لقد أصبحَتْ تختالُ في كل بلدةٍ = بقبرِ أمير المؤمنين المقابرُ
أتته التي ابتزت سليمان ملكهُ = وألوت بذي القرنين منها الدوائرُ
أتته فغالته المنايا وعدلهُ = ومعروفه في الشرق والغرب ظاهرُ
ولو كان تجريد السيوف يردها = ثنت حدها عنه السيوف البواتر
بأيدي بها تعطي الصوارم حقها = وتروى لدى الروعِ الرماح الشواجرُ
ولو لم تُسَكن بابنه بعد موتهِ = لما برحت تبكي عليه المنابرُ
قال الناقد إسماعيل بن إبراهيم في كتابه الذي ذكرته آنفًا –لمن يريد البحث- في الطبعة الأولى ص75 قال: (فأي رثاءٍ هذا؟ إنه في اعتقادي لايعد شعرًا بما تحمله تلك الكلمة من معنى ,إنه نظم وليس بشعر لأنه يفتقر إلى القوة والحرارة والصدق(وهذا الشاهد)ومافي هذه الأبيات إلا البرودة التي تحاكي برودة الشتاء وصقيعه,إن مروان لم يرثِ بمعنى الكلمة وإنما سكب حِكَمًا في أسلوب شعري مكتمل الوزن ,وحسب مروان أنه أخطأ ووقع في سوء اختياره فحينما اختالت المقابر فإن ذلك يعني فرحها بقبر أمير المؤمنين, ولو كان صادقًا في رثائه لصور حزن الناس وبكائهم وارتجاف البلدان وإظلام الدنيا واحتجاب الشمس كما فعل مع معن بن زائدة... حتى قال: فحبه للمهدي حب درهم ودينار وحبه لمعن حب القلب للقلب , وبينهما كالبعدِ بين الشبابِ والهرم , وما أحسب مروان حينما قال تختال في كل بلدة مصورًا فرح المقابر إلا مجافٍ للحقيقة فالحقيقةُ أن المختال قلبُه ... حتى قال: ولكن العاطفة أبت أن تسوي بين معنٍ الذي ارتجفت له الدنيا وبين المهدي ,وكل ماأراده مروان من قوله هذا هو حسن التخلص ليخرج من رثائه المتهالك الغث, إلى مديحه السمين الذي يدر عليه الدنانير والدراهم فمازال بريق الذهب يَخْلبُ عينيه ,وأن بكاء مروان هو دموع التماسيح)أ.هـ
فمروان عندما كان قلبه صادقا في رثاء معن جاء بجودة السبك وجمال الخيال ,وعندما كذبت العاطفة جاء بأبيات قال عنها النقاد ليست شعرًا !
وكان هذا واضحًا ,فهل فرحُ المقابرِ بموتِ الخليفةِ رثاء؟! في قوله:
لقد أصبحت تختالُ في كل بلدةٍ = بقبرِ أمير المؤمنين المقابرُ
هذا ليس برثاء ولكنه التزلف والعاطفة الكاذبة ودموع التماسيح كما ذكر المؤلف
فالسؤال هنا في هذه الجزئية بالذات :هل نقول أعذب الشعر أكذبه؟
بل نقول هنا أن أعذب الشعر أصدقه لأن كذب العاطفة أخرج الأبيات عن الرثاء للحكمة ثم أصابها الضعف بسبب جمود العاطفة.
وفي قصيدة أخرى لمروان مدح فيها الخليفة العباسي المهدي بقصيدة قَلَّ أن يوجدَ لها مثيلٌ لروعتها وجمالِها فقال:
طَرَقَتْكَ زائِرةً فحيِّ خَيَالَها = بيضاءَ تخلِطُ بالجمالِ دَلَالَها
قادت فُؤادكَ فاستقادَ ومِثْلُهَا = قادَ القلوبَ إلى الصبا فأمَالها
قال فأنصت الناس لها حتى بلغ إلى قوله:
هل تَطمِسون من السماءِ نجومَها = بأكُفِكُمْ أو تسترونَ هِلالَها
أو تجحدونَ مقالةً من رَبِكم = جبريلُ بلَّغَها النبيُّ فقالها
شَهِدَت من الأنفالِ آخرُ آيةٍ = بتُراثِهِمْ فأردتُمُ إبطالَها
قال الراوي فرأيت الخليفة المهدي قد زحف من صدر مصلاه حتى صار على البساط من جمالها وإعجابا بما سمِع ثم قال كم هي؟قال مئة بيت فأمر له بمئة ألف درهم فكانت أول مئة ألف أعطيها شاعر أيام بني العباس.
لكن هذه القصيدة لم يحفظ التاريخ منها إلا القليل,والشاهد هنا أن مروان يبحث عن المال فكتب قصيدة من القلب للخليفة لتحقيق مبتغاه فجاء بأعذب الشعر مرصعا بالخيال وحصل له ماأراد فهنا يقال أعذب الشعر أصدقه ,بخلافه عند موت الخليفة ليس هناك محبة من القلب وليس هناك مصلحة فخرج برثائية هشة.
وبقي آخر مسألة ولعلي أقول أنها القسم الخامس: لماذا إذن قيل أن أعذب الشعر أكذبه(وهذا هو بيت القصيد),وهل المقصود الكَذِبُ الصريحُ المنهي عنه؟
الذي يظهر لي والله أعلم أن الكذب الذي يقصدونه ليس الكذب الصريح المنهي عنه ,بل هو مجرد المبالغة في استخدام الخيال والصورة البيانية.
قال الشيخ محمد بن صالح المنجد حفظه الله تعالى: (وقول من قال : أعذب الشعر أكذبه ، محمول على المبالغة التي لا تصل إلى الكذب ، فإن وصل إلى الكذب كان حراما ، وفي كونه أعذب الشعر حينئذ نظر)
مثال ذلك:
عندما يقول شخص يطلب الماء:أنا ميت من العطش.
ماالذي يتبادر إلى الذهن عند سماع هذه العبارة؟هل هو ميت فعلا؟وإذا كان ميت كيف للميت أن يتكلم؟بل كيف للميت أن يوضح سبب موته أنه من العطش؟
لايمكن أن يستوحي فكر المتلقي أن المقصود الموت الحقيقي فكيف للميت أن يتحدث,فلايمكن أن يقول المتلقي أنت كذاب كيف تقول أنك ميت وأنت حيٌّ تتحدثُ أمامنا,هذا بعيدٌ كل البعدِ عن ماأراده المتحدث, وإنما المقصود المبالغة فقط, والعبارة ماهي إلا دلالية على شِدة العطش لاأكثر.
ومثال آخر :
يقول عمرو بن كلثوم التغلبي في معلقته:
ملأنا البرَّ حتى ضاق عنا = وماءُ البحرِ نملؤهُ سَفِينا
فالسؤال:هل البر ضاق بالناس فضلًا عن قبيلة تغلب؟لايمكن أن يتبادر إلى الذهن هذا الفهم,وإنما المقصود المبالغة في الخيال والصور البيانية التي لايمكن أن يستوحي فكر المستمع خلافها, أي لايمكن أن يتبادر إلى ذهن المتلقي أنه إذا لم يَضِقْ البر بتغلب فالشاعر كاذب!!هذا المعنى بعيد جدًّا, وهذا والله أعلم هو المقصود بعبارة أعذب الشعر أكذبه,فالشاعر بالغ في ذلك مبالغة مقبولة أعطت البيت صورة خيالية رائعة لايمكن أن يتبادر إلى ذهن المتلقي أن المقصود أن البر ضاق بتغلب حقيقةً, ولايمكن أن يخطر بباله أن البحر سيمتلئ من سفن تغلب, فمادام أن المتلقي يدرك ذلك فهذا ليس كذبا.
مثال آخر:
قال حسان بن ثابت رضي الله عنه يرثي حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد الشهداء الذي استشهد في معركة أحد سنة ثلاث للهجرة في أبيات منها:
أظلمتِ الأرضُ لفقــدانِهِ = واسْوَدَّ نورُ القمرِ الناصـلِ
فهل أظلمت الأرض وهل اسود القمر فعلًا لموت حمزة رضي الله عنه؟ لايدخل هذا إلا في المبالغة في الصورة الخيالية فقط,ولايمكن أن يقول قائل كذب الشاعر لأن وقتها لم تظلم الأرض ولم يسودَّ نور القمر ,وإنما الذي يتبادر إلى الذهن هو الحزن والهم العميق الذي يدور في خَلَد حسان ومن عندَه, ومنهم النبي الكريم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي حزن لموت عمه أشد الحزن.
ومن الأمثلة ماورد في "مجلة الجامعة الإسلامية" العدد العاشر: (
قول جرير في الفخر:
إذا غضبت عليك بنو تميم=حسبت الناس كلهم غضاباً
أو قول المتنبي في مطلع قصيدة:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم=وتأتي على قدر الكرم المكارم
أو قول عنترة العبسي:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل=مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها=لمعت كبارق ثغرك المتبسم
فهل تجد في هذه الأبيات شيئاً من الصور الكاذبة المستحيلة ؟ ومع ذلك فهي من أعذب الشعر وأجوده )أ.هـ(المصدر فتوى الشيخ المنجد).
وهذا الذي يقصدونه بأنَّ أعذبُ الشعرِ أكذبه.
فالخلاصة :أن أعذب الشعر هو الشعر الصادق الذي يتواطأ فيه القلب مع اللسان وتقبله النفوس, ولايوغر الصدور ويكون خاليا من البذاءة والفحش والكذب الصريح ممزوجا بصورٍ خيالية فيها مبالغة مقبولة بشرط ألا يكون فيها إفراط أو إيهام بأن المتكلم يقرر حقيقة واقعة بكل عناصرها(أي إيهام بالصدق), بل يدرك المستمع أن الكلام على سبيل المبالغة فيأخذ المعنى مع زيادةٍ مقبولة.
فعندما يجتمع الصدق, واللغة الرصينة, والفكرة, والصورة البلاغية في الشعر المبالغ فيها نوعًا ما, فاعلم أنك حتمًا ستقع تحت تأثير هذه الجرعة السحرية!
ولعلي أنهي كلامي بلفته بسيطة أهمسها لمن يلمزون الشعراء بالآية: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)
نقول ليس هذا على الاطلاق أي ليس هذا على جميع الشعراء,فهناك من استثناهم القرآن من هذا وأولهم حسان بن ثابت رضي الله عنه الذي دافع عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم وقال سأهجوا قريش قال النبي صلى الله عليه وسلم كيف تهجوهم وأنا منهم؟
قال يارسول الله, واللهِ لأسلُّكَ منهم كما تُسل الشعرةُ من العجين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اهجهم ومعك روح القدس)
وقال صلى الله عليه وسلم لحسان: (وآتِ أبا بكرٍ يعلّمك مساوئ القوم فإنّه عالمٌ بالأنساب)لأن أبو بكر رضي الله عنه كان نسَّابًا.
لكن إشكالية كثير من الناس يأخذون أول الآيات ويتركون أواخرها وليست في هذه الآية فحسب بل هذا ديدن من قل حصيله من العلم,نقول لهم أكملوا الآية لأن الله قد استثنى منها أقوامًا فقال:
إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) (سورة الشعراء)
فمن كان لسانه خادما لدينه, مدافعا عنه يذود عن حياضه, فليس من الغاوين لأن الله استثانهم في كتابه الكريم, وكل من وقف على آية ولم يُكملها فسيكون فهمه قاصرًا عن فهم مُرادِ الله فمثلا قال تعالى في سورة الماعون(فويلٌ للمصلين) لو أننا وقفنا على هذه الآية ولم نُكملها لكان هذا وعيدٌ لكل المصلين ,لكن بإكمال الآية يتضح مُراد الشارع جل في علاه حيث قال: (الذين هم عن صلاتهم ساهون,الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون)
فأصبح الوعيد خاصًا بفئةٍ معينة وليس عامًا لجميع المصلين,فلا تَقِفوا يارعاكم الله على الآية(والشعراء يتبعهم الغاوون) أكملوا الآية لتتضح لكم الصورة.
قد قلت ماقلت إن صوابًا فمن الله وإن خطأً فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله العظيم الذي لاإله إلا هو وأتوب إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,,
تنويه:لحاجةٍ في نفسِ يعقوبَ لاأسمحُ بنسخهِ ولاأبيحُ ناسخَهَا كائنًا مَنْ كان.

ريم الفلا
18-11-2017, 10:47 PM
لا فُضَّ فوكَ وسلمت يمينك
يامال العافيه ناقدنا كفيت ووفيت
استمتعت واستفدت مما قرأت هنا ، " لاهنت استاذي الكريم

ريم الفلا
18-11-2017, 10:51 PM
الأخوان والأخوات الأفاضل
شاكره ومقدره مروركم الكريم لاعدمتكم

وتشرفت برد الاستاذ الفاضل / عبدالله الروقي

الناقد/عبدالله الروقي
19-11-2017, 10:20 AM
لا فُضَّ فوكَ وسلمت يمينك
يامال العافيه ناقدنا كفيت ووفيت
استمتعت واستفدت مما قرأت هنا ، " لاهنت استاذي الكريم

الله يعافيك ياريم وبالتوفيق،،،،

رحيل
19-11-2017, 07:18 PM
معلومات قيمة جداً
لاهنت ناقدنا كفيت ووفيت

وتسلم
شاعرتنا على الطرح الراقي والمميز

الناقد/عبدالله الروقي
22-11-2017, 09:08 AM
معلومات قيمة جداً
لاهنت ناقدنا كفيت ووفيت

وتسلم
شاعرتنا على الطرح الراقي والمميز

ولاتهونين يامصممتنا الرائعة
التحية والتقدير لك,,,,,,

سناء
24-11-2017, 07:12 PM
الصراحة لم اقرأ رد الأخ الناقد لطوله فليعذرني
ركزت على الخلاصة لأني اراها مقنعة
فالخلاصة :أن أعذب الشعر هو الشعر الصادق الذي يتواطأ فيه القلب مع اللسان وتقبله النفوس, ولايوغر الصدور ويكون خاليا من البذاءة والفحش والكذب الصريح ممزوجا بصورٍ خيالية فيها مبالغة مقبولة بشرط ألا يكون فيها إفراط أو إيهام بأن المتكلم يقرر حقيقة واقعة بكل عناصرها(أي إيهام بالصدق), بل يدرك المستمع أن الكلام على سبيل المبالغة فيأخذ المعنى مع زيادةٍ مقبولة.

ذكرني هذا الكلام بقصيدة جميلة جدا لابن زريق البغدادي لا احفظها ولكنني احب قراءتها
شكرا لصاحبة الطرح مجددا وللناقد هنا على الجهد المبذول

الناقد/عبدالله الروقي
29-11-2017, 09:27 AM
الصراحة لم اقرأ رد الأخ الناقد لطوله فليعذرني
ركزت على الخلاصة لأني اراها مقنعة


ذكرني هذا الكلام بقصيدة جميلة جدا لابن زريق البغدادي لا احفظها ولكنني احب قراءتها
شكرا لصاحبة الطرح مجددا وللناقد هنا على الجهد المبذول

قصيدة ابن زريق البغدادي من أعذب ماقرأت
ولها قصة أليمة،شكرًا لكِ أختنا الفاضلة على تعقيبك.